وهاك أيها القارئ ما قال الكاتب المصلح بالنص (أرأيت إلي أني لم أكن مخطئاً حين خفت عليك أن تضحك أو أن تقهقه حين تسمع هذا الكلام - أستغفر الله - وكنت خليقا أن تحزن وأن تتألم حين تعلم أن شيوخ النحو في مصر ما زالوا يكون هذه السخافات، وما زالوا يخدعون الطلاب بهذا الدجل العلمي، وما زالوا يفسدون العقول والأذواق، ويميعون الملكات الأدبية في نفوس الشباب، وما أسرع ما ينخدع الشباب بهذا التخريف! ويظن حين يملك هذه الألفاظ أنه قد فهم قواعد العربية. وهو لم يفهم إلا قواعد الجهل إن كان للجهل قواعد يتسنى للمرء أن يفهمها) أخشى أن أكون ثقلت على القارئ بإيراد هذه العبارات السمجة، التي لو ألقيت على جبل لحولته إلى تل من القاذورات! وإني لأنزه قلمي أن يخوض في مثل هذه الحمأة المنتنة. ولعلي لا أكون مخطئاً إذا اعتقدت أن هذا الكلام لا يراد به خدمة العلم، ولا تقويم المعوج. . .
نعم - لو قال الكاتب: إن النحو بحاله الراهنة يفتقر إلى التهذيب: بحذف الخلافات التي لا طائل من ورائها، والاقتصار على الصالح المثمر النافع، ودعم القواعد بالإكثار من التطبيق، وجعل المقام الأول للنصوص العربية التي تستبقي منها القواعد، لو قال ذلك أو مثله لدلل على إخلاصه للعلم وحبه للإطلاع ولكنا بما دعا إليه أول المؤمنين.
وبعد فليهدئ الكاتب المفضال أعصابه، وليطمئن، وليعلم بأن في مصر الآن (نهضة نحوية مباركة) لكن لا على الوجه الذي يريده من الهدم والتشهير والتجريح! بل على وجه التجديد المفيد الذي يجمع بين الجديد والقديم، والذي يراعي فيه حال البيئات العلمية المختلفة: من أولية، وابتدائية، وثانوية وعالية.
وهذه النهضة يحمل لواءها الآن كلية اللغة العربية بالأزهر وكلية دار العلوم بجامعة فؤاد الأول، وكليتا الآداب بالجامعتين هذه عجالة عابرة. (وإن عدتم عدنا).