[صديق البلاء]
للأستاذ عبد الرحمن شكري
يغدر الناس في الشقاء ولكن ... غدره في الرخاء لا في الشقاء
إن تَفِدْ نعمةٌ عليَّ تَلَظَّى ... حسداً لي وكان من أعدائي
فإِذا الدهر مال بي كان بَكْا ... ءً على محنتي وطول بلائي
المُواسِي في الحزن حتى إذا ما ... كنتُ في غضبة سطا بالعداء
في سقامي حلو الحديث شَهِيٌّ ... وهو يرجو أن لو يُخَلَّدَ دائي
فإِذا ما صححت عاود بغضي ... وَيْله لو أُعَدَّ في الأقوياء
لدهاه الأسَى وطال عليه ال ... هم حتى يموت بالبرحاء
إنْ هجاني العدو أحْسَنَ قولا ... دافعاً فِرْيَةَ العِدَى بالثناء
فإِذا ما مُدِحْتُ هَمَّ بقتلي ... ورماني بقذعه والهجاء
يا صديق البلاء عطفك في النح ... س رياءٌ أَبْغِضْ به من رياء
إيْهِ يا قلب ما دهاك من الخ ... لان أدهى من صولة الأعداء
خِلْتَ أن الصديق مثل نسيم ... نافع لازم قليل العناء
لا تنال الحياة إنْ لم تَنَلْهُ ... بره كالإخاء خير غذاء
إنْ تقدمتَ لا يعوقك منه ... عائق في منادح الأرجاء
ويعي ما تقوله ثم لا يل ... بث حتى يذيع في الأنحاء
مِنْ مديح تُطْري به مجدك الأم ... جد أو لبك السَّنِيَّ الذكاء
إنْ تُرِدْهُ تَجِدْهُ أو لم تُرِدْهُ ... لم تَخَفْ منه زورة الثقلاء
ما اختفى في دَخِيلَةٍ منه إلا ... ما بدا ظافراً به كل رائي
وَيْكَ إن النسيم قد يُرْمِدُ الطر ... ف بسافي التراب والأقذار
وهو مثل الصديق حراً وبرداً ... في اختلاف الحالات والأجواء
وَلَهُ غدرة إذا اعتكر الج ... ووأنحى بالصرصر الهوجاء
وعلى غِرَّةٍ يبلك بالمط ... رة مِنْ بعد رونق وصفاء
وهْوَ خِدْنُ الممات واسطة العد ... وى رسول الوباء والأدواء