للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ليل وقلب. . .]

هو الليل يا قلب، فانشر شراعـ ... ك، واعبر خضمَّ الظلام العميقْ

وجذِّفْ بأوهامك الراعشـ ... ات في زورقٍ ما به من رفيق

وإنك كالليل، شيء كبيرٌ. . . ... بعيد القرار، سحيقٌ سحيق

وفيك كألغازه المبهماتِ ... أفانين من كل لغزٍ دقيق

هواجس مختلفاتٌ رؤاها ... تهوم طوراً وطوراً تفيق

ولليلِ يا قبل أيُّ امتدادٍ ... يحيط بهذا الوجود العظيمْ

سرى واحتوى الكونَ في عمقه ... فلفَّ البحار ولفَّ الأديم

وكالليل أنت، حويت وجوداً ... من العاطفات كبيراً جسيم

ففيك السماء وفيك الخضم ... وفيك الجديد وفيك القديم!

وتنتظمُ الكونَ في خفقةٍ ... وأنت بجنبي هنا لا تريم!

ودونك يا قلب هذا الفضاَء ... تجوز به السحُبُ العابره

مراكب تمخر إثر مراكب تـ ... دفعها قوةٌ قاهره

كأني أرى في شُكول السحاب ... نواتيَّ أبصارهم حائره

أَضلوا المنارَ، فهم تائهون ... يغذّون في اللجج الكافره

كذلك أنت ببحر الحيـ ... اة توهان في ظلم سادره

ورجرجة النجم كم ساجلتك ... بصدر السماء خفوقَ الحنينْ

أبالنجم ما بك من لهفة ... أبالنجم مثلك شوق دفين؟

أتجهش في قلبه الذكرياتُ ... وتأخذ منه بحبل الوتين؟

فما باله قلق خافق ... يراعى الدُّجى في سهوم حزين

لعلَّ حبيباً له قد هَوى ... وبات كخدنك في الآفلين

وأصغ معي في سكون الرياض ... وقد لفَّها غسقُ الغيهبِ

طيور توشوش جنح الدجى ... وتكشف عن همها المختبى

فهذا الخريف تدب خطاه ... ليعصف بالزهر المعجب

ويخنق ألحانَ أشواقها ... ويلوي بترجيعها المطرب

وكيف تغنى لزهر ذوى ... بروض سليب الحلى مجدب

<<  <  ج:
ص:  >  >>