فنون الشعر الفرعوني (القصائد، القافية، الأوزان، البديع،
الجناس)
للأستاذ حسن صبحي. مؤلف قصص البردى
يحفظ التاريخ للمصريين القدماء سبق الابتكار في كل ناحية من نواحي المدنية. فنراه يسجل لهم أولوية الصناعة كما ينعتهم بالزراع الاول، ثم يقص علينا من أنباء بعثاتهم التجارية إلى النوبة والى الشام والى العراق ما مكن لذوي المطامع منهم أن يستبسلوا في الإغارة على هذه البلاد بين حين وحين، وهم إذ ينتصرون يملكون الأرض ومن عليها فينشرون من أسباب المدنية بين أهل هذه البلاد ما بقي أثره إلى اليوم فيها سواء كان في أساليب الزراعة أو في طرائق الصناعة أو طرق التجارة، أو كان في اللغة والنحت والتصوير أو الموسيقى والرقص والشعر مما بقي أثره لهذا الوقت الحاضر في روح كل فن أو مهنة أو صناعة تمت للعصر القديم في أي من هذه الأقطار بصلة.
وكما كان المصريون في كل فن الأول فقد كانوا أيضا الشعراء الاول في هذا العالم، رأوا وأحبوا ما يحيط بهم من جمال الطبيعة الهادئة ومناظرها المتكررة الساكنة، فنظموا الشعر وقصدوه في وصف النيل ومجراه وفي مطلع الشمس ومغربها وفي فضية القمر وشحوبه، وفي خضرة الحقل ووحشة القفار. ثم عاشوا بين أسباب المدنية التي أقاموها فوجد الحب والبغض والحسد والشكر وقامت الحروب وأقيمت الصلوات، وأحسوا كل هذه الصور في الحياة فقالوا الغزل والحمد وهجوا واستعدوا وأشادوا واستنهضوا، وكان لابد لقول هذه الصور المختلفة من الحياة من قوالب تصاغ فيها، فخلقت القوالب وكانت القصائد والقوافي والأوزان والسجع، وتطور افتنانهم ورقى فدخلته التباديل ولعب فيه الجناس اللفظي. أليست هذه كلها أحدث فنون الشعر المصري؟
القصائد المصرية
مذ خلق المصريون القدماء لأنفسهم الكتابة الهيروغليفية وهم يكتبون الشعر في صورة غير صورة النثر. يكتبونه مقطوعات مشطرة ثلاثية أو رباعية الشطرات، متقاربة الطول