[وحي فيضان سنة ١٩٤٦]
للمهندس فؤاد السيد خليل
سارَت على الطوفان وهو جِبال ... ورَستْ على اُلجودىَّ وهي جَمال
ونجت من الهول العظيم بحكمة ... جُلى وفنَّ ما له من أمثال
أخذتْ من الفيْض المدِّمر خْيره ... ومشتْ على طُغيانه تختال
مصر الحبيبة للقلوب جميعها ... وإذا اشتكت يوماً تهبُّ رجال
من كل شهم للبلاد مجاهد ... هو الكفاح مهندس رئبال
إن لمَ يسرْ في المشرقين كلمه ... يوم النزال فإنه فعَّال
أو غاب عن سَمْع الأنام وحسَّهم ... فأعلم بأن وجودهم أعمال
ليس الشجاعة إذ تقاتل فتْيَة ... مثل الشجاعة إن دهىَ زلزال
والموت أهوَنُ بالمدافع في الخلا ... من أن تموتَ وفوقك الصلصال
ما الُّنبل تَقْتيلُ العباد وإنما ... تحمي رجال من أذى وعيال
يَنْسَى غداة الروع كل محبة ... وتكون مصراً وحدها الآمال
تتنكر الأيام والساعات في ... شُغل ويخَفى العيدُ والآصال
تتشابه الأوقات وهي عصيبة ... وتعمُّها الأحداث والأحوال
ولكم تَقِيلُ الجنُّ وهو مثابر ... ولكم رآه كوكبٌ وهلال
ولكم رأتهُ الشمس في حَّمامها ... بالنيل يحرسُها سناً وجلال
لما أتى النِّيل العظيم بخيله ... لا هُدنةٌ منه ولا إمهال
يُزجى المياه كتائباً وجحافلا ... تَرِدُ البلاد كأنها أغوال
قام المهندس للدفاع بفنَّه ... وبنفسه، وحياته أهوال
يحذوه واجبه العظيم وحبُّه ... لا تزْدَهِيه عقوبة ونوال
وأتاه من أهل الإدارة نخبه ... مشكورة والجند والعمال
قاموا جميعاً للجهاد بهمة ... لا يَعْتَرِيها في الجهاد كلال
وعمادُها الفلاح وهو علاج كل ... مُلمَّة. لم يهتضمه نضال
إن قَّلدُوه السيف وهو بطولةٌ ... أو قلدوه الفأس فهو غِلال