للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة الفن]

فرنتس شوبرت

للأستاذ محمد كامل حجاج

بقية ما نشر في العدد الماضي

وقد أثر فيه موت بيتهوفن تأثيراً عميقاً، وما فتئ يظهر عليه البشر والحنان، هذا الوقت ظهرت قطعة المرنجلة والأوقات الموسيقية ولكنه كانت تزيد حالته سوءاً وبؤساً من يوم لآخر، فكان يشرب لينسى همومه؛ ثم كتب الأربعة عشر لحناً التي يقال أنهم وجدوها في أوراق بيتهوفن، وقد جمعت باسم (غناء البجع) أي الغناء الأخير، إذ يقولون أن هذا الطير يغني قبل موته. وفي ٢٦ مارس سنة ١٨٢٨ أقام حفلة موسيقية من مؤلفاته لأول مرة، فكان الإقبال عظيماً جداً والدخل وافراً. ولكن صحته كانت تتدهور من وقت لآخر حتى لزم الفراش في ١١ نوفمبر ثم فاضت روحه المتألمة في التاسع عشر منه سنة ١٨٢٨ وأصدقاؤه يحفون به، ودفن بجانب بيتهوفن. وفي سنة ١٨٨٨ نقل الاثنان إلى المقبرة المركزية بفينا بجانب موزار وجلوك

وكانت هيئة شوبرت كألماني شريف ثقيل الحركة قليلاً، وكان ساذجاً مثل هيدن يلهو بأتفه الأشياء. له ولع شديد باجتماعات الأصدقاء التي تدار فيها كؤوس الجعة بكميات وافرة. يضع على عينيه نظارة. شعره جعد، كبير الوجه، غليظ الشفتين، ربعه، كبير البطن. وكان متأجج الشاعرية نابغاً مبدعاً نقي القلب ملك الأغاني كما عبرت عنه مدام ويظهر أن الحب لم يعبث بفؤاده إلا قليلاً جداً. ومن صفاته المميزة أنه كان ذا طبيعة سليمة كريمة مرهفة الحس لا تكتم في باطنها شيئاً. وقد قالت أخته كاتي: (كان طيب القلب جداً يأنف من الحسد، وكان لا يكتم سروره وطربه عند سماع الموسيقى الراقية، ويمسك بيديه رأسه ليتفرغ للإصغاء. وكان إعجابه بموزار وبتهوفن لا حد له. وقد جرى ذكر بيتهوفن على لسانه وهو يلفظ النفس الأخير، وهذا ما أولوه من أنه أراد أن يدفن بجانبه

كان شوبرت شاعر النفس، وقد قال عنه ليزث: (أنه أكبر شعراء الموسيقى على الإطلاق) وكان أشهى مجتمع له هذا النادي الأخوي الصغير المؤثث بأفقر الأثاث؛ وكان يرتجل فيه

<<  <  ج:
ص:  >  >>