وجه البسيطة ضاق عن جيش به ... رمت العدى فركبت هول الأبحر
وفيه مبالغة كاذبة. وفضلا عن ذلك فإنه عظم من شأن العدو وأسبغ عليه من مظاهر القوة والمنعة ما حمل الممدوح على تجهيز جيش كثيف ضاق به البر ليلقى به هذا الخصم العنيد الجبار ولو كان الخصم ضعيفا هينا لما احتاج الممدوح إلى هذا الجحفل الجرار.
ومنها:
سرتم وموج البحر يلطم وجهه ... أسفا على الأعداء كالمتحسر
والسحب ترسل أدمعا من حزنها ... والرعد يندب في قبائل حمير
والجو مسود الجوانب عابس ... والبرق يضحك منه كالمستبشر
وفي هذه الأبيات صور الطبيعة عابسة حزينة باكية على ما سيلحق الأعداء من الخطوب. وهذا لا يحدث إلا إذا كان العدو عظيما. فالطبيعة لا تبكي إلا على عظماء الناس.
ولاشك في أن الشاعر لم يكن موفقا حينما حشر هذه الأبيات في هذه القصيدة. فمن المستقبح أن يخاطب الممدوح بمثل هذا.
وقال:
والجاريات تآزرت بقلوعها ... والريح قد لعبت بفضل المئزر
رقصت على نقر النسيم بدفها ... وتمايلت بالتيه كالمستكبر
شبه السفن بالنساء وقد تحجبت بالقلوع. وبقي من كل قلع جزء أضحى لعبة في يد الرياح تحركه كيف شاءت. وهذه السفن ترقص حينما ينقر النسيم على دفها. وتميل تيها وكبرا. ونسي الشاعر أن الرقص والتمايل مما لا يستحب في السفن، لأن السفينة لا ترقص إلا إذا تعرضت للأخطار وحاقت بها الزوابع والعواصف. حينئذ لا تقوى على السير ولا تستطيع