أنشأت الديموقراطية الاشتراكية الجمهورية النمساوية الجديدة، وتولت زعامتها وقيادتها أثناء عقد معاهدة الصلح (معاهدة سان جرمان) وتسوية المشاكل الأولى التي خلفتها الحرب، ولكنها لم تتمتع طويلاً بالأغلبية البرلمانية وسلطان الحكم، ففي سنة ١٩٢٠ خرج الاشتراكيون المسيحيون بأغلبية في الانتخابات، واختتم الدكتور رنر زعيم الديموقراطية وزارته الثانية، وألف الاشتراكيون المسيحيون أول وزارة لهم برآسة الدكتور (مير) ومن ذلك الحين تتعاقب الوزارات الاشتراكية المسيحية في حكم النمسا، أحياناً مستقلة دون ائتلاف، أحيانا مؤتلفة مع الديموقراطيين الاشتراكيين أو الأحزاب الصغيرة الأخرى (مثل الألمان الوطنيين والزراع) وفي العام التالي اشتدت دعوة الانضمام إلى ألمانيا (الانشلوس) في بعض نواحي التيرول، واشتدت الأزمة المالية، فاستقالت وزارة (مير) وألف الدكتور شوبر وزارته الأولى في يونيه سنة ١٩٢١ٌ ولكن الوزارة الجديدة لم تستطع أن تغالب الأزمة المالية، وارتفعت الأثمان واشتد الغلاء ووقعت كارثة النقد، فاستقالت وزارة شوبر، وألف المونسنيور سيبل وزارته الأولى (مايو سنة ١٩٢٢)، وأبدى في معالجة الموقف كثيراً ` من الشجاعة والبراعة، واستطاع أن يحمل عصبة الأمم على الاهتمام بمتاعب النمسا، وأن يجعل من المسألة النمساوية مسألة أوربية، واستطاع بالأخص أن يعالج مسألة التضخم، وان يعيد الاستقرار إلى النقد، فهدأت النفوس وانتعشت الآمال نوعا، وبذل المونسنيور سيبل جهوداً تخلق بالإعجاب في سبيل توطيد شئون الجمهورية الجديدة، وتذليل مشاكلها الداخلية والخارجية، ولكنه اضطر إلى الاستقالة على اثر محاولة الاعتداء على حياته في نوفمبر سنة ١٩٢٤ وألف الدكتور رامك بالاتفاق مع الديموقراطيين الاشتراكيين وزارة ائتلافية، استمرت في سياسة الإصلاح المالي، ثم استقالت في أواخر سنة ١٩٢٦ حين اشتدت الأزمة المالية كرة أخرى، وألف المونسنيور سيبل وزارته الثانية