بالنفس، وخطرة متنكرة خطرت لها، فغيرت حالها وكيّفتها تكييفا خاصاً في هذا الوجود؟ أو ليس كثير من الآراء التي أسبغت على هذا العالم نعماً، وكثير من المشروعات التي عم الناس خيرها أو شرها بدأت خطرة ثم كانت فكرة، ثم أصبحت بعدُ عملاً أو خيراً، أليس مما يكوّن الإنسان خطراته، فهو خيّر أو شرير بخطراته، وهو بائس أو منعدم بخطراته، ولو كشف عنا الحجاب لقرأنا في صفحات الإنسان خطا عميقا خطته في نفس الإنسان خطراته وآراؤه، وهو أدل على الإنسان من مظاهره الكاذبة، ومناظره الخارجية الخادعة، (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه، ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا، اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) كل هذه الخطرات قد تتحول وتتغير ولكن لا تنعدم
وعلى الجملة فان قال علماء الكيمياء إن المادة لا تنعدم فكل ما في الوجود يقرر أن (لا شيء ينعدم). إن كان هذا حقاً فويل للخيّر يقعده عن الخير انه لم ير بعينه آثار عمله، وويل للخيّر صرفه عن خيره نكران الجميل وجحد المعروف، وويل للمجد عدل به عن جده أن لم يسبح الناس باسمه، ويشيدوا بذكره، ومرحى لمن كان مبدؤه (الخير للخير، ولا شيء ينعدم).