صديقي العزيز المجهول إسماعيل بن زيد حفظه الله وأكثر من أمثاله.
تحية طيبة تلقاك حيث كنت، فإني لا اعرف أين تكون، كما إني لا اعرف من تكون.
أما بعد فقد قرأت كتابك في (الرسالة) منذ أيام، ولست ادري أين ظفر به صديقنا الدكتور عوض، فإني لم أتلقه قبل نشره، ولو قد وصل إلى لما أبطأت في الرد عليك برغم كثرة العمل واشتغال النفس بأشياء يراها الناس خطيرة بعيدة الأثر في حياة الأفراد والجماعات، وأراها أنا كما تراها أنت أهون شأناً وأقل خطراً من صيد الضفادع، وتثقيف الجراد واستخراج أشعة الشمس من قشر الخيار. واكبر الظن انك رجل رؤوف بالأصدقاء شفيق على الإخلاء خطر لك أن تستفتيني فيما عرض لك من الأمر فسطرت كتابك وهممت بإرساله إلي، ثم عرفت إني مجهود مكدود فرحمتني ورفقت بي وأجلت إرسال كتابك إلي حتى ينقضي العام وافرغ لمثل هذه الموضوعات الجليلة القيمة. ولكن كتابك وقع إلى صديقنا عوض على أي نحو من هذه الأنحاء التي تقع بها الكتب إلى الناس أو يقع بها الناس على الكتب وعوض رجل فيه مهارة العفاريت ولباقة الشياطين اكتسبهما في اكبر الظن من ترجمته لقصة فاوست ومن طول عشرته لشيطان الشاعر الألماني العظيم. فلم يكد يقع الكتاب إليه أو لم يكد هو يقع على الكتاب، حتى أسرع به إلى الرسالة يكيد بنشره لك ولي جميعاً.
يكيد لك لأنه يحسب أن الناس سيضحكون حين يظهرون على هذه الموضوعات الغريبة التي تفكر فيها وتنفق في درسها وقتك وجهدك، ويكيد لي حين يطلب إلي باسمك على ملأ من قراء الرسالة أن أبواب لك الكتب التي تريد أن تذيعها في هذه الموضوعات.
وليس عوض شيطانا ولا عفريتا ولا مترجماً لفوست ولا معاشرا طويل العشرة لمفستو فيليس انقضى يومه وليله دون أن يجد ويكد ليغيظ إنسانا من الناس ويعبث بصديق من