سرني وأرضىَ نفسي ما كتبتم وما نشرتم لكرام الكتاب من الملاحظات على قرار لجنة إنهاض اللغة العربية وما انتهت إليه في اختيار الكتب التي تصلح لأن تكون في أيدي تلاميذ المدارس الثانوية وسيلةً إلى تقويتهم في اللغة العربية
ولكن شيئاً هاماً في قرار اللجنة قد فاتكم التنبيه إليه وما كان ينبغي أن يفوت: ذلك هو حق أدباء العروبة في مختلف أقطارها في أن يكون لهم ولمؤلفاتهم الأدبية اعتبارا في نظر وزارة المعارف المصرية أولا، ثم أعضاء هذه اللجنة. . .
فهل تذكرت وزارة المعارف المصرية يوماً أن في هذه الأقطار التي تريد أن تفرض عليها زعامتها الأدبية - علماء وأدباء وكتاباً ومؤلفين، هم في الطبقة الأولى من رجال الفكر العربي؟ وهل عرفت أن لهؤلاء الأدباء كتباً ومؤلفات حقيقة بأن تكون موضع تقدير رجال المعارف في مصر حين يريدون أن ينهضوا بالثقافة الإسلامية
ذلك - ولا شك - شئ تعرفه وزارة المعارف ولا تنكره، ويعرفه أدباء مصر ولا ينكرون، ولكن ما وراء هذه المعرفة؟ هل قررت يوماً كتاباً في مدارسها لكاتب عربي في غير مصر؟ هل عملت على أن يعرف تلاميذها في مصر أن تلك البلاد كتاباً وأدباء ينبغي أن تُدرس آثارهم وينتفع بها؟
إن الكتب المصرية تملأ أسواق الشرق العربي ومكتباته ومدارسه، ولا تخلو منها يد تلميذ عربي في تلك البلاد. فهل حرصت مصر على أن ترد هذا الجميل إلى أهله؟ أم تراها ضريبة على هذه البلاد تؤديها لمصر غير منتظرة جزاء عليها ولو كان هذا الجزاء هو الاعتراف بالجميل؟
أين مؤلفات الأساتذة إسعاف النشاشيبي في فلسطين، وأمين الريحاني في لبنان، وعلي الطنطاوي في دمشق، وساطع الحصري وطه الهاشمي في العراق؟ أليس لهؤلاء مؤلفات يمكن أن ينتفع بها في مصر، لتزيد الروابط بين البلاد العربية توثيقاً وقوة؟