تغلي أطراف العالم العربي والعالم الإسلامي لأنهم يوقدون على قلبهما بالحديد والنار والمكيدة في فلسطين، وتسجل الأيام أروع قصة من قصص البطولات والإباء والتضحية في التاريخ كله، وتصبحنا الأنباء وتمسينا بما يبسط قلوبنا ويقبضها سروراً بانتصار إخواننا أو ألماً من اندحارهم
وتلتقي مشاعر المسلين والعرب لقاء عجيباً في هذه البقعة المقدسة من الأوطان العربية مما جعل الثورة الفلسطينية مبدأ عهد لتكوين الشعور الإسلامي والعربي، ومدار ذكرى ومداولات حول النفس العربية وتاريخها وخصائصها وجهادها ومستقبلها
فكيف تمر بنا هذه الحوادث الجسيمة، وتعرض على أعيننا وقلوبنا هذه المشاهد والمشاعر الفذة ثم لا تسجل تسجيلاً فنّياً خالداً في مطولات و (ملاحم) كما كانت حروب (طروادة) مدار أناشيد الإلياذة اليونانية؟
إن في شخصيات باعثي هذه الثورة وفي قوادها وفي جنودها رجالاً ونساء وفي شرفهم وسمو أخلاقهم وفي الأهوال التي تحيط بهم. . . معاني روائية نادرة ومنابع إلهام لذوي الأقلام
فمن يا ترى تنتدبه الأقدار وتصطفي قلمه لكتابة هذا الديوان الخالد كما اصطفت قلم الشاعر الكبير أحمد محرم لكتابة ديوان مجد العرب والإسلام الذي نرجو له التوفيق فيه؟
إني أخشى أن أشير بإصبعي في هذا المقام إلى بعض الشعراء الذين أعرف في خيالهم الواسع قدرة على ملء الفجوات التي بين الحوادث، وقدرة على تلوين الشخصيات والأحداث، وعلى الربط و (الحبكة) الفنية في الإخراج، وعلى خلق شخصيات خرافية عند اللزوم
أخشى هذه الإشارة حتى لا أصد بعض الذين قد يقعدهم أن ذكرهم نبأ عنه القلم في هذا المعرض. ولعل طبعهم الشاعر قد سما ونضج بالثورة الفلسطينية، و (قد يسمو الطبع الخافت لأن حادثة ما تحمله إلى الأفاق العليا من التفكير والأفتنان، كما تعلو العاصفة بالهشيم والريش إلى حيث تحلق ذؤابات الدوح وأجنحة النسور). كما يقول الأستاذ العقاد