ومن منا لم تسم بمشاعره حوادث فلسطين وتفجر في طبعه الشعر النفسي الذي يفيض على القلوب في بحوره المرسلة؟
إني لم أتمن أن أكون من رجال الشعر المنظوم الذي يرضي نفسي إلا اليوم حتى أظفر بهذا الشرف العظيم
فيا شعرائنا عشاق الخلود!
ليس التغزل في جسد جميل أو كأس فاتنة، ولا البكاء المزري بالرجولة من نفس هلوك على حبيب هاجر وخدين غادر، ولا الخواطر الكزّة الضيقة في مناسبات الحياة الشخصية الأنانية، ولا الوصف التقليدي للطيارات والقطارات والإبل والأشجار والأطيار، ولا. . . ولا. . . إلى أخر المكرور المعاد من العناوين المتوارثة كما تورث الأوعية والآنية ليصب فيها. . . ليس كل أولئك شيئاً ذا خطر ورجاحة في ميزان المواريث الأدبية الخالدة، لأنها لا تقترن بالنفس العربية العامة الواحدة في كل الأشخاص والأمكنة والأزمنة. . . وما لم يكن على الأثر الأدبي هذا الطابع طابع العموم والشمول فلن يحظى بالخلود
وفي الثورة الفلسطينية أوتار تتصل بكل قلب عربي ومسلم، فمن استطاع أن يجمع هذه الأوتار في يده، وأن ينشد عليها بإيمان وفن واستغراق، فسيذهب نشيده مردداً في كل يوم وفي كل مكان وبكل لسان. . .
وإذا مرت الثورة الفلسطينية من غير شاعر واحد يرصدها ويغني لها ويندب. . فأخشى أن يحكم المستقبل على شعرائنا أنهم (قليلو الملاحظة: يذهبون إلى الغابة للبحث عن وقود ثم يرجعون فارغي الأيدي!) كما يقول المثل الإنجليزي. . . أو أنهم يجرون وراء السراب ويتركون الأنهار المتفجرة. . .
عبد المنعم خلاف
حاجي بابا في إنجلترا
نشرنا في مجلتنا (الرواية) قصة بهذا العنوان للكاتب الإنجليزي جيمز موير وصف فيها بعض النواحي الاجتماعية في بلاد إيران أوائل القرن التاسع عشر. فخشي بعض إخواننا الإيرانيين أن يخلط القراء بين إيران القديمة وإيران الحديثة، مع أن المؤلف حدد زمن