فالمسلم من (علم) أن الله عز وجل بعث محمداً صلى الله عليه وسلم على حين فترة من الرسل بالشريعة الخالدة التي تصلح لكل زمان ومكان، والتي تكفل لمتبعيها سعادة الدنيا والآخرة، وجعلها رحمة للعالمين، وهدى للناس أجمعين، وأنزل عليه الكتابَ الذي ما فرط فيه من شيء، القرآن كلامَ الله القديم، وختم بالإسلام الرسالات فلا نبي بعد محمد خاتم النبيين
و (علم) أن دعامة الإسلام وأساسه، ومصباحه ونبراسه، كتاب الله وسنَّة نبيِّه، فما جاء في القرآن أو صحَّ أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله فهو من الدين، وما عدا ذلك من بدع ابتدعها في الدين قوم، أو زيادات زادها أقوام ليست في القرآن ولم ترد في الحديث الصحيح ولا تقاس عليهما ولا يجمع عليها أئمة المسلمين فليست من الدين ولو قال بها أهل الأرض.
و (علم) أن الإسلام لا يشبه الأديان ولا يقاس عليها، لأنه دين وشريعة وسياسة وأخلاق، فهو يبيِّن صلة العبد بربه، ويضع القوانين لصلات الناس بعضهم ببعض، ويبني قواعد العلاقات السياسية بين الدول الإسلامية وغيرها من الدول، والإسلام يرافق المسلم إذا غدا أو راح أو طلع أو نزل لا يفارقه لحظة ولا خطوة. وليس في الدنيا عمل لا يدخل فيه الإسلام ويبيِّن فيه حكم الله، فإما أن يكون مباحاً لا يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه، وإما أن يكون مندوباً يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه، وإما أن يكون واجباً يثاب فاعله ويعاقب تاركه، وإما أن يكون مكروهاً يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله، وإما أن يكون حراماً يثاب تاركه ويعاقب فاعله. وهذه الأحكام الخمسة (الفرض والمندوب والمباح والمكروه والحرام) هي التي تحدد مكان كل عمل من الدين ولا يخلو عمل من واحد منها. فالمسلم لا يقول أبداً (هذا الأمر خارج عن نطاق الدين لا دخل له فيه) كما أنه لا يقول (إن الإسلام يجب أن ينفصل عن السياسة) لأن السياسة جزء من أجزاء الدين، و (براءة) وكلها سياسة، سورة من