للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الشعب هو المسئول عن الإصلاح الإجتماعي]

للدكتور زكي مبارك

أخي الأستاذ الزيات

ليتك شهدت المناظرة التي أقيمت بكلية الآداب في مساء الأحد الماضي، لترى مبلغ ما وصلنا إليه من حرية الفكر والرأي، ولترى كيف يستبيح ناسٌ إيذاء إخوانهم بلا استبقاء، ولترى أيضاً كيف تطغى العامية الفكرية على بعض من وُسموا بالتثقيف

وسأصف جوّ تلك المناظرة بإيجاز، أداءً لحق (الرسالة)، فمن قرائها ألوفٌ يحبون أن يعرفوا كيف يشتجر القاهريون في ميادين الحجج والبراهين

كانت المناظرة برياسة معالي الأستاذ عبد الحميد عبد الحق وزير الشؤون الاجتماعية، وقد سُبِقت بحفلة شاي أعدها عميد كلية الآداب ترحيباً بالوزير وبالمتناظرين وكبار المدعوين

وبعد الشاي رأينا الوزير ينتحي ناحية ليراجع خطبة طويلة متصلة بموضوع المناظرة، فعرفت أننا سنقضي شطراً من الليل في نقاش وجدال، وقد هممت بمراجعة الوزير، ثم تركت الأمور تجري إلى مداها المرسوم في ضمير الغيب

وحين وصلنا إلى المدرّج الأكبر بالكلية رأينا جماهير كثيرة وعانينا قيظاً قد اقتُبست ناره من وهج القلوب. . . ألقى العميد كلمة ترحيب بالوزير، وألقى أحد الطلبة كلمة ثانية، ورأى الوزير أن يطوي خطبته لضيق الوقت، ثم دعا المتناظرين إلى الكلام

كنت الخطيب الأول، وكانت خطبتي مكتوبة، ولكني رأيت الجوّ يوجب أن أعرض الموضوع بصورة خطابية، وفي دقائق، لأستبقي الفرصة الباقية، فرصة المنبر الأكبر على صفحات (الرسالة) الصديق

لن أحدثك عما قوبلت به خطبتي من الإعجاب، وإنما أحدثك عن مُناظر قصر خطبته على مناوشتي بأساليب يمجّها الذوق، مع أن المناظرة في كلية الآداب، وبرياسة وزير الشؤون الاجتماعية!

حضر هذا المُناظر وفي قلبه أشياء، فهو لن ينسى أني أفحمته منذ عامين في محاضرة ألقاها بأحد الأندية تأييداً لفكرة وهمية نبتت في بعض خرائب الرءوس، وهو لا يستطيع نشر تلك المحاضرة بأي حال، لأنها من صنوف البهتان

<<  <  ج:
ص:  >  >>