كان الظن أن يتناسى حضرة المناظر تلك المعركة الأدبية، وأن يجعل همه الأول والأخير في شرح الرأي الذي ارتضاه في مناظرة ذلك المساء، ولكنه جعل همه في التحرش بالدكتور زكي مبارك وتأليب الجمهور عليه بطريقة عدّها الحاضرون ضرباً من التحدي الممقوت
ليست المناظرة قتالاً بين شخص وشخص، وإنما هي نضال بين رأي ورأي، وليست المناظرة فرصة للتشفي، وإنما هي فرصة للتصافي
أترك هذا وأذكر أني أعجبت في ذلك المساء بخطبتين مجّدا الفكر والرأي، أحدهما الأستاذ صالح جودت، وثانيهما الأستاذ حسين دياب، ومع أنها جَرَيا في ميدانين متعارضين فقد استطاعا الظفر بالحمد والثناء
قال صالح: إن اعتماد الشعب على الحكومة تحوَّل إلى طمع في الحكومة. وهذه فكرة دقيقة جدَّا
وقال صالح أيضاً: إن الذين يقيمون الحفلات الخيرية لمعونة الفقراء لا يفتحون مغاليق الجيوب إلا بفضل المراقص المسبوقة بأكواب الصهباء
وهذا كلامٌ يجب أن يقال. ولو مرةً واحدة، عساه ينفع بعض الجمعيات
وقال حسين: إن الحكومة هي التي تُسأل عن الإصلاح الاجتماعي، لأن عندها وسائل يعجز عن مثلها الشعب. . . وقال أيضاً: إن يقظة الحكومة لا تغني الشعب عن الاهتمام بما يجب عليه في تدبير أمور المعاش. . . وهذا وذاك من الكلام النفيس
أما لغة المتناظرين فكانت سليمة، بغض النظر عن اللحن المضحك، اللحن الذي تكرر ثم تكرر من الخطيب اللحان، وهو فلان!
أيهون منبر كلية الآداب إلى الحد الذي يسمح بأن يعلوه خطيب لا يعرف الأوليات من قواعد اللغة العربية؟
اتقوا الله يا ناس في منبر كلية الآداب!
ومن ذلك الخطيب؟
سأذكر اسمه يوم يغيّر ما بنفسه بعد قراءة هذا الدرس
سأذكر اسمه يوم يعرف أن المناظر لا يكتفي بالقصاصات من المجلات