إن خطبة عميد كلية الآداب لم تزد عن أربعة أسطر، وهو مع ذلك تلاها تلاوة ليأمن الخطأ في الإعراب، أما فلان فقد فعل بنفسه ما لا يفعل الأعداء
ثم ماذا؟ ثم أعلن معالي الأستاذ عبد الحميد عبد الحق أن رأيه كوزير أن يستزيد الحكومة من المسئوليات. فقلت ومن واجب الشعب أن يتحمل جميع المسئوليات
ثم؟ أسجل خطبتي في (الرسالة) لتُسجَّل في ضمير الزمان، وليعرف من لا يعرف أن للمصريين جذوات فكرية مقبوسة من نار الخلود
أيها السادة:
أحييكم باسم الفكر والرأي، ثم أشكر من تفضلوا فدعوني للاشتراك في هذه المناظرة، فقد هيأوا فرصة جديدة لتوضيح نظرية نفر منها الجمهور حين عرضتها في بعض الجرائد والمجلات وهي النظرية التي تقول بأن الفرد هو الحجر الأول في بناء المجتمع، وبأن الشعب هو المسئول في جميع الأحوال عما يتعرض له من متاعب وصعاب
وسأعرض تلك النظرية في هذا المساء بأسلوب جديد، راجياً أن تراعوا أننا في رحاب كلية الآداب، فلا يثور من تعودوا الثورة على الحق في المناظرات الماضية، وراجياً أن تذكروا أن ما تضيق به صدوركم اليوم قد يصبح من المألوفات بعد حين
أما بعد فمن المسئول عن الإصلاح الاجتماعي: الشعب أم الحكومة؟
في شرح هذه المعضلة أقول:
أنا أقبل إلقاء جميع المسئوليات على الحكومة، إذا صح عندي أن الشعب طفلٌ لا يفرق بين التمرة والجمرة، على نحو ما كانت الحال في طفولة الشعوب
أما اليوم وقد اكتملت قُوى الشعب وتخطى العهود الفطرية فمن الواجب أن يُسأل عن كل شئ، وأن يكون إليه الأمر في جميع الشؤون
وما السبب في إنشاء الحكومات؟
أفترض جان جاك روسُّو أن الخلائق اجتمعت يوماً للتشاور في الصورة التي تصان بها الحياة الاجتماعية، وأن كل فرد تنازل عن جزء من حريته، ليتكون من تلك الأجزاء قوة تحمي المجتمع من عدوان الأقوياء على الضعفاء
وقد آن أن نسترد ما تركنا من حريتنا باسم صيانة المجتمع. آن أن نكرم الإنسانية بأن