(بقية الكلام في مذهب زرادشت وكتابه: الثنوية: مرقيون وابن
ديصان)
يروي الراغب الأصفهاني أن (زرادشت شرع زواج الأمهات) كما يروي القلقشندي أن المجوس (يستبيحون فروج المحارم من البنات والأمهات، ويرون جواز الجمع بين الأختين) كما يروي الجاحظ في أخباره في الحمقى أن ابن عوانة الكلبي قال: (استعمل معاوية رجلاً من كلب فذكر يوماً المجوس وعنده الناس، فقال: لعن الله المجوس ينكحون أمهاتهم! والله لو أعطيت مائة ألف درهم ما نكحت أمي! فبلغ ذلك معاوية فقال: قاتله الله! أترونه لو زاده على مائة ألف فعل! فعزله) وقال اليعقوبي عند كلامه في الفرس: إنها (تنكح الأمهات والبنات، وتذهب إلى أنها صلة لهن وبربهن وتقرب إلى الله فيهن، وينسب عبد القاهر البغدادي إلى المجوس هذه الأنواع وغيرها من الزواج كزواج بنات البنات وبنات البنين وقد ظلت ضروب الزواج هذه شائعة بين المجوس وغيرهم من الطوائف الأخرى حتى بعد فتح المسلمين فارس وظل المسلمون يعيبونهم بها، وينكرونها عليهم، وليس من همنا هنا أن نبين رأينا في هذه الأنواع بل نرجئه إلى الكلام في أثرها عند الزنادقة، وحسبنا أن نبين أن العرب قد عرفوا في جاهليتهم بعض هذه الأنواع وكانوا يستبيحونها ولا ينكرونها حتى جاء الإسلام فأنكرها عليهم وعلى غيرهم وحدد من يحل للإنسان أن يتزوجهن ومن يحرم عليه الزواج منهن.
عرف العرب في الجاهلية زواج الأم كما حكي عنهم المؤرخ اليوناني استرابو، وعرفوا زواج امرأة الأب فقد تزوج الصحابي الجليل عمرو بن معد يكرب الزبيدي امرأة أبيه في الجاهلية، ولم يكن راضياً عنها كما تزوجت باهلة أم القبيلة المعروفة بهذا الاسم زوجها معناً أبا قبيلة باهلة ثم تزوجت بعده ابنه، بل عرف العرب من ضروب الزواج ما يسمى نكاح الضمد وهو - كما جاء في السيرة الحلبية - أن تجتمع جماعة دون العشرة ويتزوجوا