في الكلمة الموجزة التي قدمت عن (الوجودية) ما يكشف عن الخطوط الرئيسية لهذا المذهب، ويوضح معالمه الكبرى، وإن يكن الحديث عن (الوجودية) كلمات وكلمات، حتى يمكن أن تستقر في أذهان الناس مبادئ هذا المذهب الذي أعتقد أننا - نحن الشرقيين على وجه العموم - أشد ما نكون حاجة إلى قراره في نفوسنا، لتحلل من الميوعة والوغادة والانحلال الساري بها.
وقد أوضحت في كلمتي أن (الوجودية) تطلب إلى الناس أن يكونوا شجعانا في حمل المسئوليات التي تلقيها الحياة عليهم، أشداء أقوياء من أعمال، وأن يهدفوا بأفعالهم وأقوالهم - فإن القول عند المذهب الوجودي إنما هو عمل إيجابي بل الصمت ذاته نوع من العمل وإن يكن سلبيا - أن يهدفوا إلى تغيير أو تعديل أو هدم لوضعية من وضعيات الحياة، لا أن يهرفوا في الهواء بكلام ولكن لا غناء فيه ولا فيه أثر له!
ولكي أقرب إلى أذهان القراء المذهب أربد أن أعقد في كلمتي هذه مقارنة بين أسطورة تناولها بين اليونان الأقدمون على طريقتهم التقليدية الكلاسيكية المعروفة، وتناولها (جان بول سارتر) على طريقته الوجودية المستحدثة، وتوضح فرق ما بين خصائص المذهب الوجودي وما عداه من المذاهب، وتكشف في جلاء عن القواعد الصحيحة التي يقوم عليها هذا المذهب الذي يناله الجاهلون بالذم والإساءة، ويقصدونه بالتشهير والتعيير، ليزجوا النكتة إلى القارئ، ويقدموا غليه التسلية والتلهية، ويكونوا عنده من الظرفاء المحبين!!
فنحن نعرف الأسطورة اليونانية الشهيرة التي نظمها أول الشعراء الممثلين النابهين من