للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

جاسوسة!

لمدير الأكاديمية الفرنسية هنري بردو

ترجمة الأستاذ عبد الحليم الجندي المحامي

لم يبق لمدام (سرمِزِل) أمل في أن تُحَب، فأصبحت لا تطيق أن ترى قلبين يتناجيان

فلقد ودعت المسكينة جمالها إثر حادث سيارة، وعمل الجراح في وجنتيها خير ما هيأت له عبقرية الطب، ورسم أنفها الدقيق رسمه الأنيق السابق، لكن الفن والطب معاً قصرا عن أن يمسحا من صفحة وجهها تلك الشيات الهينة التي ما برحت تشير إلى الحادث. . فعينها التي لم يجسر الطبيب على أن يدنو منها قد اتسعت بعض الاتساع فصارت نظراتها مما يتجمد له الدم في العروق. . وعشيقها الذي حنا عليها في محنتها وسربلها بصنيعه لم يستطع تلقاء هذا (البعث الناقص) إلا أن يطلب نقله إلى وظيفة نائية!. . . ولا يصبر على القبح الجسماني إلا رجل سمت به فضيلته إلى أرفع ذروة، أو رجل يغمر الإيمان فؤاده. . والصديق العزيز لم يكن إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. . .

كانت ما تزال تدعى إلى الأوساط التي كانت تغشاها من قبل، لما عرف عنها من الملاحظة اللاذعة والروح المبتكر. . وفي إبان هذه الدعوات شهدت - وهي تكاد تُجن - ميلاً يبديه المسيو (ريانس) إلى (المدام دي نيج) وكان الداعون والداعيات يفطنون إلى هذا الهوى الناشئ فيجعلون كرسيّ كل منهما إلى كرسي الآخر. . وهكذا في كنف تلك التقاليد التي تواضعت عليها الأرستقراطية المعاصرة (!) تآمرت كل الظروف على أن يترعرع هواهما الوليد في هوائها الطلق الصافي

كانت مدام دي نيج مشغولة بزخرفها مشغوفة بنجاحها في ذلك الوسط الرفيع الذي كانت تتأرجح كالقمري الغريد فوق أفنانه، وكان زوجها منكباً على وجهه في عالم السياسة لا يجد الساعات التي يمنحها فيها الحنان أو يهبها فيها الحب. أما المسيو (ريانس) فقد وفد حديثاً من الريف. . ومعه ثروة الأقاليم وملاحة التبسط وقسمات بديعة كلها أغراء، لكنه كان

<<  <  ج:
ص:  >  >>