للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مصر تنتقم من وزير]

للأستاذ عطية الشيخ

تشابه الطبائع:

الناس معادن وفصائل، منهم الأخيار والأشرار، ومهما تقدم العقل البشري وامتدت المدنية، وزاد الرخاء، وتنادى الناس بالإخاء، فإنك لا تزال تلمس في هذا المجتمع الراقي فصائل من البشر لا يميزهم عن إنسان الغاب إلا طراز الأزياء، وتقاليد سطحية، ليس لها في أعماق نفوسهم أثر وهل تعي الببغاء مما تقول شيئاً؟ وعل يعني النسناس مما يؤدي من الحركات أمراً؟ ففي فجر التاريخ تميز خيار الناس من شرارهم في محاورة قابيل وهابيل البني آدم، حين هم الأول بقتل الثاني، فلم يزد هابيل على أن قال (لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين) فهل أثر هذا الموقف الكريم في النفس الشريرة. كلا لا طوعت له نفسه قتل أخيه فقتله. ثم امتدت الحقب، وتتابعت الأولاد والأحفاد، وتوالت الأجيال، ومازال في أبناء آدم قابيل وهابيل، لم تختلف الأرواح وإن تغيرت الأسماء وها هي ذي الأمثال والحكم التي أجرتها الحوادث على لسان الأمم البائدة. يتمثل لها أبناء اليوم كأنها قيلت بالأمس القريب.

علم الدين سنجر الشجاعي:

مملوك من مماليك السلطان المنصور قلاوون، أتسم بقلب حجري، وبأس قوي، وحب للشر وشهوة في الانتقام، ورغبة أكيدة في الكيد للناس، لا يسلم من شره أقرب الخلق منه، ولا أكثرهم إحساناً إليه، تولى الإشراف في أيام سيده المنصور قلاوون على بناء البيمارستان، فكان يتصيد الصناع والفعلة من أعلى سقالة بالبندق، وإذا سقط أحدهم جثة هامدة لا يظهر عليه تغير ولا يتحرك من مكانه ولا يسأل عن أهله وذويه، بل يأمر بالإسراع في دفنه حتى لا يتعطل العمل.

إلى الشام:

ثقل على المصريين أمر الشجاعي، وكان في الشام بقايا صليبيين، فرأى الملك المنصور أن يرسله إلى دمشق، عله يجد متنفساً لشره وظلمه في أعداء الدولة إذ كان لا بد للأفعى

<<  <  ج:
ص:  >  >>