للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[اللغة الإنجليزية في مصر]

للأستاذ محمد محمود زيتون

اللغة الإنجليزية في مصر - أو على حد تعبير وزارة المعارف - (اللغة الأوروبية الأولى) - قد أصبحت غير ذات موضوع لأنها استنفدت جميع أغراضها، وفقدت صلاحياتها، فلا مناص من إلغائها، لأنها أول معقل للاستعمار في بلادنا سبق إلى الانهيار.

وإذا كانت الظروف اليوم قد أتاحت لقادة الرأي في مصر أن تعمل جاهدة على المطالبة بإلغاء وتحرير العقلية المصرية منها على أثر إلغاء معاهدة الذل والاحتلال، واتفاقيتي القهر والاستعمار، فإن لصاحب هذا القلم شرف السبق إلى الكتابة في هذا الموضوع في وقت كان الجهر فيه بهذا يعد ضربا من المجازفة.

وكان ذلك في ٣يوليو سنة ١٩٤٨ يوم كانت جريدة (الإخوان المسلمون) اليومية ترفع لواء الحرية، في هذا المعترك الصاخب من الأفكار، قلت يومئذ بالحرف الواحد:

(إن هذه اللغة قد دخلت مصر وستخرج منها وكأن لم تكن، لأنها لم تهدف إلى التثقيف وتبادل روائع الأفكار وبدائع العرفان وإنما كان هدفها الحقيقي هو إشاعة الذعر والخوف والفزع والهلع والذل والانكسار إلى غير ذلك من مترادفات (تحطيم الأعصاب) في بلد لا يزال بخير وعافية كمصر.

ونظرا لما حق لدينا من دراسة العلوم الاجتماعية ومن بينها (علم اللغة) وما لكل من تطورات وانحرافات ولهجات تبنت قوانينها الصارمة، فإننا بالقياس إلى هذه القوانين نرى أن اللغة الإنجليزية قد أريد بها أن تشذ شذوذ أهلها عن قوانين اللغة فلبست مسوح العلماء وقفافيز الساسة، (إمعانا في إحكام القيود والأغلال على الشعوب المستضعفة جميعا وفي آن واحد، وتسويدا للهمجية في بعضها على المدنية في البعض الآخر، فقد ظلت هذه اللغة تدرس في مصر أكثر من نصف قرن منذ بدء الاحتلال وكانت لغة التدريس في جميع المواد ما عدا اللغة العربية وما يتصل بها)

ولقد فطنت الجمعية العمومية إلى أساليب الاستعمار الإنجليزي منذ فجر الحركة القومية، فطالبت الحكومة في مارس سنة ١٩٠٧ بجعل التعليم في المدارس بالعربية، وعلى ذلك الرأي اجتمعت الأمة الناهضة؛ ولكن مما يؤسف له أن قام أحد أذناب الاستعمار فقال فيما

<<  <  ج:
ص:  >  >>