للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في مؤتمر الكتاب الأوربيين لحفظ الثقافة]

خطاب أندريه جيد

نحن قليل في هذا المكان بعددنا، كثير إذا اقتصر الأفراد منا على حب بلادهم، وكثير كثير إذا أضمر هؤلاء الأفراد للبلاد الأخرى ضغينة وحقداً: إذا ما حدثتكم عن شعوري أيها السادة أقول بأني إنساني النزعة في الوقت الذي ما أزال فيه فرنسياً صميما، وأقول أني فردي من أنصار الفردية مع الاعتقاد الراسخ بأني شيوعي صميم، لا أجد في الشيوعية غير نصرة لفرديتي وكل تأييد، لقد كانت رسالتي التي حملتها طوال خمسة وستين عاماً: أنه بمقدار ما تكون شخصية الإنسان قوية وأصيلة فيهن تكون خدماته للمجتمع أجل وأحسن، وقد أضفت في السنوات الأخيرة إلى هذه الرسالة رسالة جديدة هي من الأولى بمثابة البنت للأم، هي أن الجمعية الشيوعية تترك المجال الوسيع لكل شخصية وللخصائص التي تتميز بها كل شخصية تنمو وتزدهر على وجهها الأكمل؛ وحسبي أن أتمثل بعبارة لأندره مالرو ساقها في مقدمة أحد الكتب وقد أصبحت مثلا يجري على كل لسان (إن الجمعية الشيوعية ترد إلى كل شخصية نتاجها الخصيب)

وأذكر اسم رابليه في هذا الكلام لأن النشاط الذي تركه في آدابنا الفرنسية الجميلة لم يتركه أديب من بعده، ولأني أعتبره خير ممثل للأديب الفرنسي العريق، ولربما كان فيما كتب بين معاصريه خير ممثل للعصر الذي عاش فيه، لقد أخذت الآداب الفرنسية بعد رابليه تهدأ ثورتها، تتوخى الطريق المطمئنة المسالمة التي لا صعاب فيها ولا عراقيل، تجنح إلى الغموض والإبهام غير مكترثة بالمادة مشيحة بوجهها عنها

أعني بالآداب الفرنسية التي سميت (كلاسيكية) كل ما يدخل تحتها من كتاب وقراء ونظارة وأبطال للرواية والقصة، أعني بأن كل هؤلاء قد كفوا مؤونة السعي والجد طلباً للعيش؛ وعلى هذا الأساس كانت وظيفة الأديب أن يحدث أناساً موفورين عن أناس موفورين، وإذا لم يكن منعماً هذا الذي يحدث عنه الأدب، فليس من شأننا أن نعرف ذلك وليس من شأننا أن نعرف لماذا كان أكثر هؤلاء الذين يحدث عنهم أغنياء مغتبطين؟ وعلام يستندون في جمع ثرواتهم؟ إن الأدب لا تعنيه كل هذه الأسئلة الممضة! فهؤلاء الأبطال يصورهم لنا راسين في مآسيه الرائعة وقد خلوا من تكاليف الحياة ليس لهم إلا أن يندفعوا مع أهوائهم

<<  <  ج:
ص:  >  >>