لعل أكبر عمل قام به المستشرقون هو تأليف دائرة المعارف
الإسلامية، قصدوا بها أن يجمعوا بحوثهم ومعلوماتهم في كتاب جامع
مرتب على حروف الهجاء، يتكلمون فيه عن البلدان والموضوعات
التاريخية والفقهية والنحوية واللغوية الخ ويترجون فيه للأعلام.
وقد بدأوا عدتهم في ذلك بنشر الفكرة بين علماء الاستشراق سنة ١٨٩٩ على ما أذكره، وأخذوا يجمعون المواد ويرتبونها ويوزعونها على العلماء من هولنديين وألمان وإنجليز وفرنسيين وإيطاليين وغيرهم من الشرقيين، وظلوا في هذا الأعداد نحو عشر سنوات، ثم أصدروا الأعداد تباعاً باللغات الثلاث الإنجليزية والفرنسية والألمانية، كل عدد يقع في نحو ثمان وستين صفحة بالخط الدقيق.
واعتزموا إخراج هذا المعجم في أربعة مجلدات ضخام كل مجلد يقع في أكثر من ألف صفحة، وقد أخرجوا إلى الآن مجلدين وأعداداً من المجلدين الثالث والرابع وقد عنوا بتوزيع الموضوعات على المختصين فيها فكثير من الموضوعات المتعلقة بالفقه والأصول كان يكتبها جولذ زيهبر والأدبية (هوار) وهكذا.
ولم يستوفوا في كتابتهم كل ما يجب أن يكتب حول الموضوع وإنما اقتصروا على أهمه ووكلوا الإفاضة في ذلك إلى المراجع التي يذكرونها عقب كل مادة ثم يذيلونها باسم من كتبها، ولهم إلى الآن نحو خمسة وعشرين عاماً يوالون إخراج أعدادها، وربما كان أمامهم نحو عشر سنوات أخرى لإتمامها، فهم في كل عام يخرجون عددين أو ثلاثة، وكلما انقرضت طبقة من العلماء والناشرين حلت محلهم طبقة أخرى ينهجون منهجهم ويسيرون في طريقهم وان كان الرعيل الأول أمتن وأعمق من الرعيل الذي خلفه، والكتاب في جملته من أهم الكتب التي تفيد الباحث وترشده إلى أهم ما قيل في الموضوع وتدله على خير الكتب العربية والإفرنجية التي يصح أن يرجع الباحث إليها للاستزادة منها.