تحدثنا في الأسبوع الماضي عن فن التنكر من الوجهة العامة بحيث لوضحنا أهميته وخطره للممثل الذي يريد أن يتقن عمله المسرحي الإتقان الفني المنشود ليستطيع ان يخرج الشخصية التي يمثلها الإخراج الصحيح المطلوب من الممثل الكفء. وقد رأينا سعة الدائرة التي يشملها هذا الفن حتى ليتطلب الإلمام به دراسة شاملة دقيقة بعضها يتصل بعلم النفس، وبعضها يتصل بعلم التشريح والطب، وبعضها يتصل بدراسة الأجناس المختلفة المبعثرة على سطح هذه الأرض. ونتحدث في هذا الأسبوع عن فن التنكر من إحدى نواحيه الفنية اعني من حيث علاقته بالإضاءة المسرحية. فالأصباغ والأدهنة التي يستخدمها الممثل في تنكره تتألف من الوان مختلفة متعددة، ومن الثابت أن الألوان لها علاقة وثقى بالضوء، وشتان ما بين الأضواء الصناعية والضوء الطبيعي الذي يكسب الأشياء مظهرا خاصا ولونا خاصا لا يمكن أن يكون لها تحت الأشعة الصناعية، وليس ثمت ضوء صناعي يظهر الأشياء بنفس المظهر الذي يكون لها تحت أشعة الشمس في وضح النهار، لذلك كان لزاما علينا أن درس هذه العلاقة بين اللون والضوء حتى نستطيع في المسرح أن نعطي الضوء المناسب وقد أدخلت في السنوات الأخيرة تحسينات كثيرة على الإضاءة المسرحية سواء من الوجهة الفنية أو الآلية، وتكاد تكون لكل مخرج طريقته الخاصة به ونظرياته التي يبتكرها تارة أو يستنبطها من تجاربه المتوالية تارة أخرى. ولسنا بصدد شرح هذه النظريات، فنتركها إلى البديهيات التي لا محل فيها للاختلاف.
والان نضع هذا السؤال: كيف نرى الأشياء ونميز ألوانها المختلفة؟ حاسة النظر هي التي تودي لنا هذه الغاية بواسطة الضوء. وهذا ثابت من الحقيقة المعروفة إذ لا يمكن أن نرى شيئا من الأشياء إلا إذا سلطنا عليه ضوء طبيعيا أو صناعيا، فإذا لم يكن هناك هذا الضوءلم نستطع رؤية شيء. وادخل غرفة مظلمة وحاول أن تميز ما فيها فلن تستطيع مهما كنت حاد البصر، مع أن الغرفة ملأى بما فيها من أثاث وأدوات وغيرها. وعود من الثقاب تستطيع بلهبه، الذي يشع ما نسميه بالضوء تمييز ما في هذه الغرفة. واكثر ما في