للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من أدب التراجم]

الخليل بن أحمد

للأستاذ طه الراوي

(تتمه ما نشر في العدد الماضي)

كتاب سيبويه من وحي الخليل

الخليل أول من فتق معاني النحو وضبط أصوله، وبسط فروعة، واستخراج علله وأسبابه، ووسع فصوله وأبوبه، وأوضح سبله، وعبد مناهجه حتى بلغ أقصى غاياته؛ ولكنهم ترفع عن التأليف فيه لأنه منهل كثر وراده فأوحى إلى تلميذه وخريجه (سيبويه) من دقائق مسائله وبنات أفكاره وأبكار تصوراته ما جعله حرياً بأن يشار إليه بالبنان، وجديراً بوضع كتابه المشهور الذي أصبح للنحاة إماماً يقتدون به ويهتدون بهديه، فمعظم ما في الكتاب مغترف من سلسال علم الخليل، ومقتبس من مصباح ذكاءه. وكلما قال سيبويه: (سألته) أو (قال) من غير أن يذكر أحداً فإنه يعني (الخليل)

كتاب العين أو (أبو المعاجم كلها)

علمنا أن الخليل قد طالت صحبته لخلص الأعراب وكثرت إقامته بين ظهرانيهم، ثم إنه كان يحج بين العام والعام، وكان يقابل في طريقه إلى مكة فصحاء العرب وأقطاب بلغائهم فاجتمع لديه كثير من مفردات اللغة وفرائد دررها، فعزم على جمع ذلك في كتاب لم يسبق إلى مثله، فرسم الخطة ورتب الأبواب على طريقة ابتدعها، وأسلوب لم يسبق إليه، وكان قد افتتح بحرف العين فسماه (كتاب العين) على عادة الكتاب في ذلك العصر، فإنه يسمون الكتاب بأول أبوابه ككتاب الجيم وكتاب الميم وكتاب الغين وكتاب الحماسة وغيرها. وهذا الكتاب أول كتاب ألف في متن اللغة مرتباً على الحروف جمع فيه الخليل ١٢. ٣٠٥. ٤١٢ كلمة، بعضها مستعمل وأكثرها مهمل. والذي حدا به لذكر المهمل استيفاء التقاسيم العقلية لكل كلمة، فمثلاً كلمة (كتب) يحتمل في الكاف الفتح والضم والكسر ويحتمل في التاء الحركات الثلاث والسكون وثلاث في أربع اثنتا عشرة صورة فيذكر الاثنتي عشرة صورة ويقول هذه الصورة مستعملة لمعنى كذا، وهذه الصورة لم تستعملها العرب. وقد

<<  <  ج:
ص:  >  >>