للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[على ضوء علم الاجتماع]

حركات الإصلاح

للدكتور عمر حليق

الإصلاح نشاط اجتماعي. ويعرف علم الاجتماع (الحركة الاجتماعية) بأنها (مجهود عملي مشترك تقوم به طائفة واعية من أفراد المجتمع لكسب ولاء الشعب ومعونته لإحداث تبديل في الوسائل والأساليب التي تتوخى خدمة الصالح العام). وقد يكون قالب هذا التجديد حديثا لم يصغ من قبل، أو قد يكون إحياء (لنموذج سبق استعماله. وفي كلتا الحالتين فإن الدافع لتبديل الأساليب والوسائل ناتج عن الاستياء من الوضع الراهن وعن الرغبة في إصلاح الأمور.

إذن فالمجهود الإيجابي المشترك بين الطائفة الواعية وبين المجموعة الشعبية التي تمنحها الولاء والمعونة هو ما يعرف في الاجتماع (بالحركة الاجتماعية). وهذا التعريف يفترض أن يكون هدف الحركة خدمة المصلحة الجوهرية للشعب بأسره أو للكثرة الساحقة من أفراده. فقيام نفر من أعضاء جمعية معينة لتعديل دستورها أو تغيير مجلس إدارتها لا يعد حركة (اجتماعية) لأن هذا التعديل يمس مصلحة الجمعية وأعضائها ولا يهدف مباشرة خدمة المجتمع القومي الأكبر. وبنفس المنطق لا يمكننا أن نعرف (التيارات) و (الاتجاهات) الفكرية أو السياسية بأنها حركة اجتماعية. فإذا اتجه الناس نحو المطالبة بحق من الحقوق أو تبديل وضع من الأوضاع، وإذا ساد هذا الاتجاه تيارات فكرية معينة فذلك لا يعني أن هناك (حركة) بمعناها الاجتماعي الذي نحاول أن نعالجه في هذا المقال.

وأبرز ما يعنى به علم الاجتماع هو الحركات الاجتماعية التي تولد في نطاق شعبي واسع وتؤثر في صميم الأوضاع السياسية أو الاقتصادية أو الدينية أو المقدمات الثقافية والخلقية للأمة بأسرها.

وعلى ضوء هذا التعريف فإن لنا أن نستنتج بان الحركة الاجتماعية صبغة مزدوجة طابعها الهدف والإنشاء في آن واحد. فهي موجهة ضد وضع معين تأمل الحركة في تعديله أو إزالته؛ وهي في نفس الوقت طامحة إلى تحقيق برامج وأهداف إنشائية ديدنها خدمة الصالح العام.

<<  <  ج:
ص:  >  >>