كان من حسن الحظ أن ساهمنا في العدد الممتاز الذي أصدرته مجلة الرسالة بمناسبة العام الهجري بموضوع آتينا فيه على بعض ما للعرب في مختلف الفنون التصويرية لتوضيح النصوص وتصوير كتب العلم والأدب مما يجلو غوامضها للقراء والراغبين في العلم، فنشرنا بضع صور ضوئية منقولة عن بعض المخطوطات القيمة في علم تخطيط الأرض والفروسية والتوقيت والكيمياء. وقد وعدنا القراء في ختام المقال السابق باستيفاء هذا الموضوع الطريف حقه من البيان. وهانحن أولاء قد وفقنا بعد البحث إلى ثلاثة كتب مخطوطة زينها مؤلفوها بالتصاوير والأشكال الحقيقية تارة والرمزية طوراً؛ ففي كتاب (نهاية الإدراك في دراية الأفلاك) لمؤلفه قطب الدين محمد بن مسعود الشيرازي جملة صور فلكية أهمها صورة كسوف الشمس وقد جاء فيها:
(لكون القمر هو الكاسف والتوالي من المغرب إلى المشرق وهذه صورة الكسوف، الفصل الرابع في أزمان ما بين الخسوفين، أما الأول فمعرفته مبينة على معرفة حدود الخسوفات وهي مقدرة باثني عشر جزءاً من بعد القمر عن إحدى العقدتين في أي جهة كان، لأن عرضه إذا جاوز هذا الحد زاد على نصفي القطرين، لأن غاية عظم نصف قطر دائرة الظل وهو إذا كان في القمر في حضيض التدوير ست وأربعون دقيقة. وغاية عظم نصف قطر القمر ثماني عشر دقيقة، والعرض المساوي لمجموعهما وهو أربع وستون دقيقة إنما حصل على بعد اثني عشر جزءاً وكسر من العقدة أو على بعد إحدى عشرة درجة ونصف بالتقريب يكون العرض درجة فبعد تجاوز العرض عن الحد يزيد على نصفي القطرين ولا يمكن الخسوف حينئذ وبهذا الاعتبار ينقسم المائل إلى أربعة أقسام. . . الخ).
وقد زين هذا المتن بصورة القمر والشمس من أعلاه والأرض من أسلفه، ورسم دائرة كبرى كتب على محيطها الفلك الممثل ومر محيطها بمركز الشمس، وداخلها دائرتان