كانت ليلة من ليالي شهر مارس، والسحب مدجنة مطلخمة، وقد اسبطر الضباب فطوى الأرض والسماء في مطارفه. . حتى لا يكلف المرء نفسه الخطو خيفة العثر. . وهب الحارس فجأة وقد طرق أذنيه لغط وهسيس لبعض من الناس يمضي في مطارب المقبرة. وصاح في هيعة وتحوب (من ثمت يسرى؟). ولكن دون مجيب. . فراح يرجع صيحته قد توجس همساً وهجساً (من ثمت يسرى؟!) فأجاب صوت مختلج لرجل هرم. (أنا ذا. . أيها الرفيق.)
- ولكن من أنت؟!
- أنا رجل جوال.
فصاح الحارس في صوت حاول أن يستر به رنة الفزع التي سرت إليه:
- أي شيطان رمى بك إلى هنا؟! أتجول قدميك في المقبرة ليلا؟ أيها الشرير الخبيث!
- وَىْ! أتقول إن هذه المقبرة؟!
- وما في ذاك؟! إنها مقبرة. . ألا تلمح ذلك؟.
فتنهد الرجل الهرم قائلا: (آه. . يا للسماء. ما أقدر على إبصار شيء أيها الرفيق. . إن الظلمة لحالكة. . الظلمة. . فما يستطيع الإنسان أن ترى يده وهي أمام وجهه!
- ولكن من أنت؟!
- أما قلت لك. . زائر. . أيها الصديق، رجل جوال فنبس الحارس في يقين: (إلى الشيطان. . يالكم من معربدين أيها الجوالون، كل منكم يطل يجرع الخمر، ويأتي إلى هنا يقلق راحتنا ويسبب متاعبنا ليلا. . ولكن. . لقد سمعت أصواتاً تهمس معك فأين أصحابها؟!