الذكر العظيمة في تاريخ الأمم نجوم يهتدي بها في ظلمات الأيام، وأعلام يستبين بها الطريق في ضلالات الزمان، ودعوات إلى الحق والخير تدوي على مر السنين. والزمان بالناس دائر لا يفتر، تعتورهم أحداثه، وتتداولهم غيره، فمن لم يعتصم بسبب من الحق، ويستمسك بعروة من العمل الصالح، ضل وانبهمت عليه السبل، والتبس عليه الحق والباطل، والهدى والضلال. ومن لم يجعل له قدوة من سير العظماء تردد وتحير، والزمان لا ينتظر المترددين الحيارى، أو ضل وهلك، والدهر لا يشفق على الضلال والهلكى.
وإن لنا معشر المسلمين من سيرة رسولنا خاتم النبيين نجوماً نيرات، وأعلاماً واضحات، وأسى تهدي إلى الخير والبر، والتي هي أقوم من أعمال الدين والدنيا. إن لنا من سيرة الرسول الكريم هدي في كل صغيرة وكبيرة من أعمال الفرد والجماعة.
فقط حفظ لنا التاريخ سيرته في بيته ومسجده، وفي سياسة الجماعات، وتربية الأمم، وقيادة الجيوش، وفي الإصلاح بين المتعادين، والقضاء بين المتخاصمين، وفي السفر والحضر، والشدة والرخاء، والحرب والسلم، والغضب والرضا، فما تلقانا حادثة من حوادث الزمان، أو عمل من أعمال الحياة خيرها وشرها، وحلوها ومرها، إلا وجدنا في سيرة سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد صلوات الله عليه وسلامه مثلاً عالياً، وأسوة حسنة، ورأياً هادياً، وقضاء فصلاً، يهدينا إلى ما فيه صلاح الدنيا والآخرة. كل فرد منا يجد في سيرة محمد وهديه شفاء دائه، والتحرر من أهوائه، وإصلاح خلقه؛ وكل فرد منا يجد في سيرة نبيه الجهاد في الحياة والصبر على لأوائها، والطموح إلى معاليها، والاستكبار عن دناياها، والإباء على كل ضيم والنفور من كل مذلة
وكل أمة من أمم المسلمين تدوي فيها ليل نهار الدعوة المحمدية تدعوها إلى أن تقوم في أرض الله على عباد الله بقانون الله (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)
وكل أمة على هذه الأرض تجد في هُدى محمد ما يطب ادائها، ويقيم من عوجها. وهل أودى بالجماعات إلا عصبيات باطلة، وأهواء جامحة، وشهوات مسلطة، واستكبار على