دأب الأستاذ محمد سعيد العريان، في قصصه التاريخية، على اللجوء إلى ما يرجى عنده من معرفة الحوادث قبل وقوعها، من التنجيم وأحاديث الرهبان، واستخدام الأحلام استخداما غير طبيعي، وقد تعقبته في هذه النقطة بالرسالة غير مرة، ففي قصة (قطر الندى) جعل المربية العجوز تحلم وتموت دون أن تفضي إلى أحد بحلمها، وذكر تفصيل الحلم! وفي قصة (شجرة الدر٠ أنطق المنجم بما وقع فعلا! وصنع شيئاً من ذلك في قصة (على باب زويلة).
وأخذت عليه كل ذلك، وقلت فيما كتبته عن (شجرة الدر): إن كان لا بد من الاستعانة بالتنجيم في تصوير البيئات والعصور التي كان للتنجيم فيها شأن وذيوع - فأني أرى عند الإتيان به أن تسلط عليه أشعة تكشف أباطيله أو تشكك فيه على الأقل.
وكأن الأستاذ أراد العناد. . . فتوسع في ذلك المجال بقصته الجديدة (بنت قسطنطين) التي حلل فيها شخصية مسلمة بن عبد الملك وما أحاط به من ظروف وسبب عدم توليه الخلافة على رغم جدارته بها، وصور فيها البطولة العربية وجهادها الرائع بين سواحل الشام وثغور الروم، فبلغ غاية في التحليل والتصوير.
فإنه لم يكد يمضي في هذه القصة حتى ساق رجلين من أبطالها، هما مسلمة والنعمان بن عبيد الله أحد المجاهدين، إلى راهب بأحد الأديار، وكان مسلمة يعد العدة لفتح القسطنطينية، فيقول له الراهب فيما يقول:(يدنو ٩يعني مسلمة) حتى يكون قاب قوسين، فيقف بين بين، ثم يفلتها بعد أين؛ بينه وبين ما يأمله مائتان ومائتان وثلاثمائة؛ ثم يكون ما أراد، حين لا متاع له بشيء من ذلك الزاد، إلا عين جارية وسيرة باقية؛ ويذكر أبو أيوب، وأبو سعيد، ومحمد بن مراد!. .)
ثم يحاصر مسلمة القسطنطينية حتى يكاد يفتحها، ولكنه (يفلتها بعد الأين٠ وبعد سبعمائة سنة (٢٠٠و٢٠٠و٣٠٠) يفتحها محمد بن مراد العثماني!
وليس هذا وحسب، بل ينبئ الراهب عما يقع من الحوادث في القصة بعد ذلك، ويكون