حديث الراهب محورا يدور عليه الحوار فيما يأتي بعده. . ويتصل بهذا المحور محور آخر، هو تلك الرؤيا العجيبة التي رآها مسلمة والنعمان في وقت واحد وفي طريق واحد وعلى صورة واحدة (كنسختين بالكربون)!
والأستاذ العريان يتخذ ذلك، لحبكة السياق، ولإبراز الخواطر التي تختلج في نفوس أبطال القصة، ولبث بعض الطلاوة في الحوار. ولا أثر لذلك الصنيع في القصة غير هذه الأغراض وما يشبهها، أما بناء القصة فهو قائم بغير طلائه، وحوادثها جارية لا يعوقها منه شيء؛ وقد يتأنى للأستاذ أن يحقق تلك الأغراض، من حبكة السياق الخ، من غير تلك الخرافات. . . وأنا أساله أخيراً: هل يعتقد صحتها؟ ولا أنتظر منه جواب هذا السؤال فهو معروف، وإذن فلم يحشوها وكأنها حقائق مسلم بها، في قصص مؤلف من وقائع الحياة فيما مضى وتخيل ما يماثل هذه الوقائع؟
وغاية ما أرجو أن يخلو من ذلك ما يؤلفه بعد من هذه القصص التي يجلو فيها التاريخ في صور من الفن الممتع. وأنا لم أتعب من تعقبه، ولن اتعب ما أمهلتنا الحياة.
الجيل الجديد:
تلقيت كتابا من الأديب المصري صبري حسن علوان، فأذكر أولا أنني اغتبطت بما تضمنه من الثناء على (الأدب والفن) ولا داعي للرياء. . .
وأقول ثانيا إنني استبشرت به، لأنه يعزز أملي في الجيل الجديد على الرغم مما يبدو من عوامل اليأس. وصبري طالب في الجامعة قد (عدت له عجلة الحياة من السنين ثمانية عشر ولما تتم دورتها الأخيرة) وهذا نص تعبيره في كتابه. وقد حدثني في بعض الموضوعات الدبية حديثا يدل على فطنته وحسن تذوقه، كما يدل على أن الجيل الجديد - غن كان لصبري أمثال كثيرون - مفتح عينيه لما يجري الآن في الحياة الأدبية، فهو يقول إنه يقرأ (الجرائد اليومية والمجلات الأسبوعية فيرى فيها شيئاً لا يرتاح له. نعم إن النشر ليس مقياس الجودة. ولكن الذي يستحق التنويه أن الأسماء التي لها سابقات في الأدب والفن تأتي بالغث الهزيل الذي تأباه الأذن وتضيق عنه القلوب. .!)
وأفسح قليلا لهذه الملكة الناقدة المتفتحة، فأنقل النقد الآتي بنصه كما جاء في ذلك الكتاب:
(ومن الأسماء المشهورة ما قاله أحدهم عن (ذكرى شهداء فلسطين) في جريدة الأهرام.