للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكتب]

(كانت لنا أيام)

شعر - المطبعة الهاشمية بدمشق ١٩٥٠ ١٢٨ صفحة

للأستاذ عمر النص

بقلم الدكتور سامي الدهان

أصاب الشعر العربي المعاصر في السنوات الأخيرة ركود مخيف تجاوز كل ركود في عصورنا الأدبية. فسكنت مصر بعد المطران والجارم وعلي محمود طه، وغاب شبح المهجر، وتلجلج لسان لبنان، وأحجمت بلاد الشام فتردد شعراؤها في نشر ما ينتجون، وراحت الصحف تحمل الفنية بعد الفنية قبساً من قصيد، ولمعاً من نظم.

وحار مؤرخ الأدب في تفسير هذه الظاهرة في البلاد العربية

فميدان الشعر ما يزال خصباً قوياً، وبواعث النظم ما تزال ملحة دافقة، سواء في ذلك ميدان السياسة أو ميدان الاجتماع، فقد ناضلت البلاد العربية وخرجت من نضالها على بأس مرير، وحزن قاتم، فكان هذا وحده باعثاً على خفقات الأسى ولوعات الضلوع والحشى، في أدب يائس، كالأدب الرومانتيكي في أوربة. ولف حياتنا الاجتماعية دوار، واختلفت إليه أمراض فانفتحت كوى واسعة بطل منها الشاعر على سقوط وتخاذل، وبؤس وشقاء، جاورت بلاد الشام تخوم العالم الراهم، فماتت العزلة، وأصبح من في هذه الربوع يشهد نضال أوربة، وشحناء أمريكة، والحرب الحارة والباردة - كما يقولون - وانقضت. بين أعيينا صور حرب مثيرة، ومع ذلك لم نسمع شعراً ولم نقرأ نظماً.

وما أحب أن أعتقد أن هذا كله مر من غير أن يحرك ألسنة شعرائنا، أو يثير كوامن نفوسهم، فهم قد نظموا من غير شك وقالوا وأحسنوا القول،، ولكنهم كارهون للنشر، بعيدون عن الضوضاء - فيما أحسب -، ولقد أردت لهم من قبل أن يظهروا على الناس بدواوينهم مطبوعة مبوبة، يعينون بها الدارس، وينيرون بها سبيل الباحث، ويعبدون الطريق لمن بعدهم، لا أستثني منهم أحداً، سواء فيهم الأستاذ شفيق جبري، أو الأستاذ عدنان مردوم بك، ولا أحب أن أعددهم جميعاً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>