للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة النقد]

كتاب (الإمتاع والمؤانسة)

بقلم الدكتور بشر فارس

صيف سنة ١٩٣٠ قدمت من باريس إلى القاهرة أطلب فيها كتباً ومخطوطات؛ فاهتديت (دارَ العروبة)، فعرفت أحمد زكي باشا - رحمه الله رحمة واسعة - فكان بيني وبينه ما تشاء من الود: أُكبره ويأنس بي. وقد وقع إليَّ فيما وقع من خزانة كتبه الخاصة كتاب (الإمتاع والمؤانسة) لأبي حيان التوحيدي. فأقبلت عليه، فإذا هو جليل نفيس. وكم تمنيت وتمنى (شيخ العروبة) أن يُنشر هذا المخطوط فتُذاع فوائده فتُدرَك على غير كلفة. وهذان الأستاذان أحمد أمين وأحمد الزين أقدما على طبعه وليس بين أيديهما سوى نسخة وبعض نسخة على جانب غير يسير من الاضطراب والتحريف (والنسختان مما خلفه زكي باشا). فما أحرى الأستاذين بالتهنئة والشكر! وكان الأستاذ أحمد أمين أخبر المستشرقين في مؤتمرهم (سبتمبر ١٩٣٨، بركسيل) بأنه ناشر كتاب التوحيدي، فاهتز القوم لذلك.

ونشرُ كتابٍ ذاهب في التصرف بضروب الكلام، جامع لمنثور المسائل من أدبية وفلسفية، مع ما يفسد ألفاظه ويُسقم عباراته من جهة مسخ النسّاخ، ليس بالمطلب السهل. ومن هنا ما جاء في ضبط الكتاب من فَرَطات. وقد بيّن طائفة منها صديقي الدكتور زكي مبارك في العدد الماضي من الرسالة، ولا عجب فإن الدكتور زكياً بأدب التوحيدي عارف وبأسلوبه بصير؛ ألم يؤلف فيه فصولاً؟

والحق أني كثيراً ما توقَّفت وأنا أقرأ (الإمتاع والمؤانسة). فلا أرى بداً من التنبيه هنا على ما وقَفَني، وإنما مقصِدي تقويم الكتاب لوجه العلم وحدَه. وإني قاصر الاستدراك على الأربعين صفحة الأُوَل، على سبيل التمثيل (والكتاب في ٢٢٦ص). ثم إني مقسم المآخذ على حسب المنهج الذي عليه يجري العلماء في تحرير المخطوطات.

١ - التباعد عن سياق النصّ:

ص ١٩ - ٢٠: يروي التوحيدي كيف مثل في (الليلة الأولى) بين يدي الوزير، فأخبره الوزير بأنه استقدمه للمحادثة والتأنيس. فيكتب التوحيدي (ص٢٠ س٨): (فقلت: قبل كلٍ، شيءٌ أريد أن أُجاب إليه يكون ناصري على ما يُراد مني. فقال (الوزير): قل ما بدا لك.

<<  <  ج:
ص:  >  >>