الأنسيكلوبيدية الفرنسية، معجم شامل للمعارف الإنسانية؛ أخرجته طائفة من علماء قرن الثامن عشر وفلاسفته وضمنوه ثمرة دراساتهم الطوال، فبدت فيه روح العصر وعاداته، وطرائق أهله في المساجلات والمهاترات
لم ينشأ عن دائرة المعارف هذه، بعث أدبي أو علمي، فقد كانت نتيجة لعوامل شتى، لا سبباً لها، وكانت ملتقى تيارات تتعارض ونظريات تتضارب، ويلاحظ الأستاذ (أوبيرتان في كتابه: (روح القرن الثامن عشر) أن هذه التيارات تنحصر في الأمور التالية
١ - الانطلاق: وكان مدلوله في لقرن السابع عشر استقلال الفكر، وشنشنة ضد الدين. وكان معناه في القرن الثامن عشر تظاهراً بالدعة مع الجحود والكفران
٢ - الروح العلمي. فقد هيمنت روح العلم على نفر كبير من الناس، فأضحوا يتعلقون بالحادثات الواقعة. نابذين وراء ظهورهم ما وراء الطبيعة، ثائرين على السلطان. وكانوا يفتخرون بالتقدم العلمي الذي رأوه آنذاك، ويعتقدون أن الوقت قد حان لوضع أسس جدد، ومناهج واضحة تسلكها الأجيال القادمة.
٣ - الرغبة في الاستقلال السياسي، فقد مال الناس إلى احتقار سلطان الملكية، والثور عليه، والسعي في تحطيمه، ليتقوى سلطان الشعب
٤ - الميل إلى تقليد الأجنبي وخاصة إلى تقليد إنجلترا؛ فقد كان الفرنسيون يرون في كل ناحية من نواحي السياسة والعلم والدين والأدب فيها مثلاً سامياً جديراً بأن يقتفى أثره، وأن يقلد
فهذه الميول المختلفة. كانت مظاهر عالم جديد يريد أن يحيى. وكانت هذه البيئة تحس في نفسها قوة وجلداً؛ وترى أنها قادرة على تحطيم ما خلفه لها الآباء والأجداد، ولا بد للناس أن يعلموا ما خلفته الأجيال الخالية، وما بذلته من جهود في سبيل رقي الإنسانية، ولابد لهم أن يدركوا كيف بدأ أجدادهم والى أية نقطة من طريق الإنسانية الطويل قد بلغوا. فدائرة المعارف كانت وسيلة إلى ذلك
ظهرت دائرة المعارف سنة ١٧٤٥. فقد أذن لصاحب مكتبة آنئذ، أن ينقل إلى الفرنسية