نزل القرآن الكريم يتحدث عن الله تعالى خالقاً للكون مدبراً له. والتوراة والإنجيل يتحدثان عن الله وعن صفاته. والكون بأثره وما فيه من نظام يدل على وجود كائن أول متعال، والمعتزلة لا تشك أبداً في وجوده تعالى ولكن جل همها كان البحث في ماهيته وعلاقته بهذا العالم المخلوق.
نفي صفات الله:
تفخر المعتزلة بأنهم أهل التوحيد. ولكن كل مؤمن موحد أيضاً - ولما كان التوحيد اعترافاً بوجود إله واحد نجد المعتزلة على حذر كبير في التحدث عن صفاته تعالى خوفاً من أن يؤدي الكلام في هذا الموضوع إلى شرك يقضي على كل توحيد. لذلك نفت الصفات عن الله.
والأصل الأول الذي كان يقول به واصل بن عطاء رأس المعتزلة (المتوفى سنة ١٣١هـ) هو نفي صفات الباري تعالى من العلم والقدرة والإرادة والحياة. لأن واصل أراد أن يرد فكرة الأقاليم عند النصارى، وكان يرى فيها ثلاثة آلهة، إذ أن الثلاثة قديمة. فخشي أن تؤدي فكرة الصفات حتى الأزلية إلى شرك عند المسلمين؛ لذلك جنح إلى التنزيه البحت وبه نفى أن يكون لله تعالى صفات غير ذاته.
كانت هذه المقالة في بدئها غير نضيجة. وكان واصل بن عطاء يشرع فيها على قول ظاهر وهو الإنفاق على استحالة وجود إلهين قديمين أزليين، لأنه من أثبت معنى وصفه قديمة فقد أثبت إلهين.
ثم شرع أصحاب واصل في هذه المقالة بعد مطالعة كتب الفلاسفة وانتهى نظرهم فيها إلى رد جميع الصفات إلى كونه عالماً قادراً ثم الحكم بأنها صفتان ذاتيتان هما اعتباران للذات القديمة
وللمعتزلة حجة قوية في نفي الصفات وردها إلى اعتبارات ذهنية للذات.