[حصاد القمر. . .!]
(وحي سياحة قمرية في ليلة من ليالي الحصاد بين حقول
القمح، والنخيل. حيث كان الشاعر ضيف القمر بقرية (أم
خنان) الهاجعة في مروج الجيزة الخضراء)
للأستاذ محمود حسن إسماعيل
سِيَّانِ في جَفْنِهِ اْلإغْفَاءُ وَالسَّهَرُ ... نَامَتْ سَنَابِلُهُ وَاسْتَيْقَظَ القَمَرُ!
نَعْسَانُ يَحلُمُ وَاْلأَضْوَاءُ سَاهِدَةٌ ... قَلْبُ النَّسِيم لَهَا وَلْهَانُ يَنْفَطِرُ
مَالَ السَّنَا جَاثِياً يُلْقى بِمَسْمَعِهِ ... هَمْساً مِنَ الْوحْي لاَ يُدْرَى لَهُ خَبَرُ
وَأَطْرَقَتْ نَخْلَةٌ قامَتْ بِتَلْعَتِهِِ ... كأَنَّهَا زَاهِدٌ في اللهِ يَفْتَكِرُ
إِنْ هَفَّ نَسْيم بها، خِيلَتْ ذَوَائبُهَا ... أَنَامِلاً مُرْعَشاَتٍ هَزَّهَا الْكِبرُ!
كأَنَّماَ ظِلُّهَا في الحَقْلِ مُضْطَهَدْ ... صَمْتُ السَّكِينَةِ عَنْ جَانِيهِ يَعْتَذِرُ
الدَّوْحُ نشوَانُ! فَاخشَعْ إِنْ مَرَرتَ بِهِ ... فَضَيْفُهُ الْباطِشاَنِ: الّليْلُ، وَالْقَدَرُ!
كأَنَّ أَغْصَانَهُ أَشبَاحُ قاَفِلَةٍ ... غَابَ الرَّفِيقَانِ عَنَّهَا: الرَّكْبُ، وَالسّفرُ
مّبْهوُرَةُ شَخَصَتْ في الجَوِّ ذَاهِلَةً ... كأَنَّهَا لحَبيبٍ غَابَ تَنْتَظِرُ!
أوْ أَنَّهَا نَسِيَتْ عَهْداً، وَأَنْعَشَهَا ... شَجْوُ الرِّياح فَهَاجَتْ قَلْبَهَا الذِّكَرُ
أَوْ أَنَّهَا وَاْلأَسَى الْمَكْبوُتُ في فَمِهَا ... بَنَاتُ وَعْدٍ بها عُشقُهَا غَدَرُوا
عَجْمَاَء تَنْبِسُ كالتمْتَامِ عَاتِبَةً ... وَمِلْءُ أَفْوَاضهَا التَّهْوِيمُ وَالْحدَرُ!
يَا سَاكِبَ النُّورِ لا يَدْري مَناَبِعَهُ ... لأَنْتَ قَلْبٌ يُشِعُّ الْحُبَّ، لا قمرُ!
هَيْمَانُ تَحْمِلُ وَجْدَ الّليْلِ أَضْلُعُهُ ... وَالّليْلُ تقْتُلُهُ اْلأَشْجَانُ وَالْفِكَرُ
كأَنَّهُ زَوْرَقٌ في الخُلْدِ رحْلَتُهُ ... تَيَّارُهُ مِنْ ضِفَافِ الْحُورِ مُنْحَدِرُ
ياَ طَائِراً في رُبَى اْلأَفلاَكِ مُخْتَفِياً ... يَمْشِي عَلَى خَطْوهِ الإِجْفَالُ والْحَذَرُ
أََرْخِ الِّلثَامَ، فمهْمَا سِرْتَ مُحْتَجِباً ... نمَّتْ عَلَى نُورِكَ الأسْدالُ وَالسُّترُ
عَلاَمَ ضَنُّكَ بالأنْوَارِ في زَمَنٍ ... إِليْكَ يَظْمأُ فِيهِ الرَّوح والْبَصَرُ!
اْلأَرضُ مُظْلمَةُ الأسْرَارِ سَاخِرَةٌ ... كأَنَّهَا شَيْخَةٌ بالنَّاس تَتَّجِرُ!