في الإسلام أحكام كثيرة مما يدخل في تصرف رجال الإدارة كما نسميهم اليوم
وفيه وصايا كثيرة عن المعاملات، كالمساقاة والمبايعة والاستقراض والشفعة والتجارة وسائر شؤون المعيشة الاجتماعية يقتدي بها المشترعون في جميع العصور
ولكنا لا نريد بما نكتب عن النبي أن نسرد أحكام الفقه ونبسط وصايا الدين، فهي مشروحة في مواطنها لمن شاء الرجوع إليها
وإنما نريد أن نعرض لأعماله ووصاياه من حيث هي ملكات شخصية وسلائق نفسية تلازمه حيث كان مؤدياً لرسالة الدين، أو مؤدياً لغير الرسالة من سائر أعمال الإنسان
كذلك لا يعنينا مثلاً أن نتكلم عن (الإدارة) كأنها نصوص المنشورات و (اللوائح) التي تدار بها الدواوين وتجرى عليها تفصيلات الحركة في مكاتب الحكومة، فإن هذه وما إليها هي أعمال منفذين مأمورين وليست أعمال مديرين آمرين
وإنما نعني الملكة الإدارية من حيث هي أساس في التفكير من اعتمد عليه استطاع أن يقيم بناء الإدارة كلها على أسس قويمة، ثم يدع لغيره تفصيلات الأضابير والأوراق
فليس في وسع رجل مطبوع على الفوضى مستخف بالتبعة أن يؤسس إدارة نافعة ولو كان فيما عدا ذلك كبير العقل كبير الهمة
أما السليقة المطبوعة على إنشاء الإدارة النافعة فهي السليقة التي تعرف النظام وتعرف التبعة وتعرف الاختصاص بالعمل، فلا تسنده إلى كثيرين متفرقين يتولاه كل منهم على هواه
وقد كانت هذه السليقة في محمد عليه السلام على أتم ما يكون
كان يوصى بالرياسة حيثما وجد العمل الاجتماعي أو العمل المجتمع الذي يحتاج إلى تدبير. ومن حديثه المأثور:(إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم). ومن أعماله المأثورة أنه كان يرسل الجيش وعليه أمير وخليفة للأمير وخليفة للخليفة إذا أصيب من تقدمه بما يقعده عن القيادة
وكان إلى عنايته بإسناد الأمر إلى المدبر القادر عليه حريصاً على تقرير التبعات في جميع