أي صديقي أدهم إن الغرب لا يرتقص على براكين من النار إلا لحفرة مثل هذه الآيات القاتلات على ألواحه. . .
أن صاحبك هابل الكاتب الذكي الذي قام بدور له شأنه في عالم الأدب لا يقصد الجدَ فيما يقول، بل هو يتهكم تهكماً ويقول للناس: إن العقلية الشرقية تلائم الحياة الباقية، (فإذا) انتقلتم إلى الأخرى فهناك اتبعوا وحي هذه العقلية!
إن (إذا) لا تفيد الظرفية هنا بل تفيد شرطاً ممتنعاً وما هي إلا أداة تحَد صريح وإنكار مطلق لكل ما لا يقع تحت الحواس الخمس، فكأنك أيها المناظر الكريم وأنت تدعونا إلى اقتباس العقلية الغربية، تهيب بنا مع صديقك هابل آدم إلى الاعتقاد بالعدم قبل الحياة وبعد الحياة. فهل يجاريك علماء الغرب الذي نباهي بحضارته؟ هل يوافقك من يدعون أهل الشرق معك إلى الاتجاه نحو الحضارة الغربية في القول بأن هذه الحضارة الآرية لم تصل إلى ما وصلت إليه إلاُ عن طريق الإلحاد؟
إن حضارة الأقوام التي ترغب إلينا أن نقتبسها إنما بنيت في تاريخها القديم كما بنيت في تاريخها الحديث على الاعتقاد بحياة أخرى. وما تدعوه (منطق الغرب الإثباتي) الذي ورثه الرومان عن الإغريق هذا المنطق الذي تنكره على العرب لأنهم ذوو استلهام ولأنهم يؤمنون بالغيب ويوحدٌون علة الوجود، إنما هو منطق نشأ في ذهنية فلاسفة كانوا يؤمنون (بأولمب) يغص بالآلهة ذكوراً وإناثاً؛ تلك كانت حضارة الغرب القديمة لم تقتل المنطق فيها حتى عبادة الأوثان ولكنها لم تكن إلاُ حضارة غاشمة شطرت فيها الإنسانية إلى شطرين: الإنسانية المتنعٌمة. والإنسانية التي تعرق دماً تحت لسعات السياط
أما حضارة أوربا الحديثة ففقد قامت على ما نعلم بتعاليم عيسى، وإذا كان قد بقى فيها شيء من الرحمة فهي من آثار موعظة هذا الناصري على جبل من جبال الشرق. وإذا كان قد