أصدر الأستاذ خالد محمد خالد كتيبه الثاني (مواطنون لا رعايا) والكتيب - كما يتضح من عنوانه - إحدى صرخات الأستاذ في سبيل تصحيح الأوضاع الاجتماعية في هذا البلد.
وكان طبيعيا أن يستقر هذا الكتيب في كل يد، وأن تلتهم سطوره كل عين، وكان طبيعيا أيضا أن تلقفه أيدي الأفاضل من علماء الأزهر، ولا عجب، فالأمر أمس بهم وأدنى إليهم، فالمؤلف عالم آثر الانطلاق والتجديد، على التقيد والتقليد، وأباح لعقله وفكره أن ينطلقا من إسار المتون والشروح، والهوامش والحواشي إلى فضاء المجتمع العريض، فعينه تقع على كل دقيقة فيه، يرى بعض الناس كل الناس، ومن بقى هملا، قطعانا تسعى إلى ساقط العيش، وترقى إلى أدنى الرزق، وما هي بمالئة منها بطنا، ولا قريرة بها عينا، بل سابغة لاغبة، واجفة خائفة، لا ترى فيما حولها هدوءا ولا أمنا، فأنى لها أن تحسن الظن؟ أنى؟!
وتعرض الأستاذ الفاضل الشيخ عبد المتعال الصعيدي في العدد رقم (٩٣٦) من الرسالة الغراء للكتيب - أو بعبارة أدق لعنوانه - بالنقد؛ وكان كل ما أخذه على الكاتب أنه لم يكن موفقا في اختيار كلمة (رعايا) لأن المعنى الذي سيقت إليه في الكتيب هو الذل والعبودية، وهذا يخالف معناها في كتب اللغة والحديث! والذي وقع فيه حضرة الناقد، عين ما أراد المؤلف نفسه على أن نتخلص منه، وننفر عنه. .
لم يبحث الأستاذ الناقد عن معنى الكلمة في قاموس المجتمع الذي يلفظ أنفاسه، تحت لذعات السياط، وركلات الأقدام، ولا في هذه المزق تشدها إلى بعضها مسكنة تستسلم سريعا لعوامل الفناء، فوق أجساد عجاف!
ولا بين هذه الأكوام الآدمية التي تحظى دائما بامتهاد الفرش الوفيرة على جوانب الشوارع، حشوها (الزلط والأسمنت والقار) وتسعد دائما بالتحاف الطبقات الرقيقة الرفيقة من نسائم الليل، تداعب أوصالا تتداعى في إلحاف إلى الانحلال والفرقة!
لم يبحث الأستاذ الفاضل عن معنى تلك الكلمة بين ذلك كله، ولكنه آثر أن يبحث عنه في (القاموس) و (النهاية) و (المصباح المنير)! وهكذا ظن حضرته أنه قد أمسك بخناق المؤلف، وورطه وأحرجه أيما توريط وإحراج! وهو بعد ذلك وقبل ذلك ينحى على الكاتب