أما شعر محرم الاجتماعي فقد كان مضمخاً بعبير عاطر من التوجيه الديني والإرشاد الخلقي، فقد نظر الشاعر نظرات صائبة إلى الأوبئة الحلقية التي تفتك بالأمم الشرقية فتحصد المروءة، وتطيح بالشرف، حيث انسابت الأفاعي البشرية في ظلام الاحتلال تنفث سمومها في الأجسام الصحيحة، فإذا الإنسان الطاهر العف يتحول مارداً فاجراً يعب الخمر في نهم، وبريق الدم المصون في تهتك، ويلطخ وجه بآثام فاحشة يندى لها الجبين، وقد قام محرم بدور الطبيب الحكيم، ففحص الداء فحصاً دقيقاً ثم أخذ يشخص الدواء الناجع، وكان القرآن الكريم قبلته ووجهته، فنادى بالرجوع إلى آدابه، وشهر بمن يجترحون السيئات ويقترفون الفواحش، وقد اتخذ من الجرائم الخلقية التي يرتكبها الإباحيون، وتنشرها الجرائد اليومية مادة دسمة لإنتاجه. وفي الجزء الأول من ديوانه أقاصيص شعرية تجلي هذه الفضائح، وقد أحاطها الشاعر بسياج من النصح الأدبي، والتوجيه الخلقي. وأنك لتلمس لهفة محرم وأسفه حين يتحدث عن شرذمة غاوية ائتلفت على البغي فهوت إلى حمأة الرذيلة تلغ في أرجاسها الشائنة غافلة عن عتاب الله نابذة وراءها عهود محمد وزواجر التنزيل فهو يقول:
أسيت لمسرفين أعان كلاّ ... على إدمان لذته أبوه
إذا ما عاقر الفحشاء منهم ... أخو النشوات غناه أخوه
لهم فتكات أطلس ما يواري ... دم الهلاك مخلبه وفوه
عليهم من خزاياهم سمات ... وما أنفوا الفجار فيجحدوه