وفي ديوان الشاعر من هذا الطراز جذ وات مشبوبة تتقد باللوعة فليتْها وجدت من يسمع أو يجب!!
ومع أن محرما قد نادى في صيحاته الاجتماعية بضرورة التعليم كدعامة راسخة يرتكز عليها بناء النهضة، فقد وجد من الناس من ظن به رغبة عن تعليم الفتاة والنهوض بها إلى ذروة الرقي، رغم ما امتلأ به ديوانه - في الجزء الثاني خاصة - من حث على ثقافة المرأة وإيضاح لمركزها الدقيق الذي تحتله في المجتمع. ولعل هذا الظن الخاطئ قد أتى من مهاجمة الشاعر لدعوة التحرير التي رفع لواءها قاسم أمين، ونحن إذا نظرنا لهذه الدعوة نجد صاحبها يحث على تعليم المرأة وتهذيبها عن طريق السفور والتملل من الحجاب! والشاعر وإن كان من المنادين بضرورة تثقيف الفتاة لا يوافق على السفور مهما تكاثرت المبررات فاندفع إلى مهاجمة قاسم متأثراً بعاطفته الدينية التي تحرم التبرج تحريماً قاطعاً، وما كان له أن يحيد عن ذلك وهو يضع كتاب الله نصب عينه. ولعله كان ينظر من وراء الغيب إلى ما سيجره السفور من فتن فشدد عليه النكير. فمحرم إذن يكتفي بضرورة تعليم الفتاة دون ما عداه، فليس لها أن ترتع في الأسواق، وتزاحم الرجال فيما لم تهيأ له من الأعمال، واستمع حجته في ذلك إذ يقول:
هممنا بربات الحجال نريدها ... أقاطيع ترعي العيش وهي سوائم
وإن امرأ يلقي بليل نعاجه ... إلى حيث تستن الذئاب لظالم
وكل حياة تثلم العرض سبة ... ولا كحياة جللتها المآثم
أتأتي الثنايا الغر والطرر العلا ... بما عجزت عنه اللحى والعمائم
فلا ارتفعت سفن الجواء بصاعد ... إذا حلقت فوق النسور الحمائم