للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٢٩ - محاورات أفلاطون]

الحوار الثالث

فيدون أو خلود الروح

ترجمة الأستاذ زكي نجيب محمود

تتمة الحوار

فهذه الأنهار عديدة وقوية ومنوعة، منها أربعة رئيسية أعظمها وأقصاها نحو الخارج هو ذلك المسمى بالاقيانوس الذي يجرى في دائرة حول الأرض، ويسير في الاتجاه المضاد له نهر أشيرون يجرى تحت الأرض في ربوع جدباء حتى يصيب في بحيرة أشيروزيا هذه هي البحيرة التي تذهب إلى شواطئها أرواح الدهماء حين يدركهم الموت، حيث يلبثون أجلاً مضروباً، يكون طويلاً لبعضها قصيراً لبعضها الآخر، ثم تعود ثانية لتحل في جسوم الحيوان. وينبع النهر الثالث فيما بين ذينك النهرين، وهو يصب على مقربة من منبعه في منطقة شاسعة من النار، حيث يكوّن بحيرة أوسع من البحر الأبيض المتوسط، يغلي فيها الماء والطين، ثم يخرج منها عكراً مليئاً بالوحل، فيدور حول الأرض حتى يبلغ فيما يبلغ من مواضع أطراف بحيرة أشيروزيا، لكنه لا يختلط بمائها، وبعد أن يتحوى في عدة ثبايا حول الأرض، يغوص إلى جهنم أدنى مما كان مستوي. هذا هو نهر بيرفليجثون - كما يسمى - الذي يقذف في كل مكان بفوارات من النار. ويخرج النهر الرابع في الجهة المقابلة، ويسقط أول ما يسقط في منطقة همجية متوحشة، تصطبغ كلها باللون الأزرق القاتم الذي يشبه حجر اللازورد، وهذا النهر هو ما يسمى نهر ستيجيا وهو يصب في بحيرة ستكس التي يكوّنها، وبعد أن يصب في البحيرة ويستمد لمائه قوى عجيبة، يجري تحت الأرض، دائراً حولها في اتجاه يضاد نهر بيرفليجثون، ويلتقي به في بحيرة أشيروزيا من الجهة المقابلة، ولا يختلط ماء هذا النهر أيضاً بغيره، بل يجري في دائرة ويتدفق في جهنم، مقابلاً لنهر بيرفليجثون ويسمى هذا النهر كوكيتوس كما يقول الشاعر

تلك هي طبيعة العالم الآخر، فلا يكاد الموتى يصلون إلى حيث تحملهم شياطينهم وحداناً حتى يقضي في أمرهم بادئ ذي بدء، إن كانوا أنفقوا الحياة في الخير والتقوى أم لا، فمن

<<  <  ج:
ص:  >  >>