قد يفاخر فاتح برخستجادن (هتلر) بأنه حمى الشعب الألماني، وأحرز فوزاً وإنتصاراًعظيمين، دون أن يشهر سلاحاً أو يريق قطرة من دماء
فإذا كان هذا مبلغ فخاره، فيحق لي أن أسأل: في أي لحظة عرف أنه قد أمن عواقب عمله، وأنه نجا من حملة لا تخفى عواقبها على أحد؟ فإن الأمر كان يستدعي أن تهب فرنسا لمناصرة الأمة المحالفة لها، وهنا تقع الكارثة
من المحتمل أن يكون قد عرف ذلك، ولكن بعد كل إنسان! فقد ظهر أخيراً أن تحذير جورنج وموسوليني له في الأيام الأخيرة من سبتمبر كان ضرورياً لمنعه من الانزلاق بأمته نحو الهاوية، فيدفعها إلى حرب لا يستطيع أن يصمد لها وهزيمة محققة، رأيا من الشفقة أن يحمياه شرها. ومما يقال على ما فيه من السخرية، إن بعض الفاشست من الإنجليز قد توسلوا إليه أن يتفضل بقبول النجاة التي تعرض عليه!
إن الحكام الإنجليز لا يريدون أن يوقعوا كارثة بالفاشست ولا يودون ذلك على الإطلاق. إنهم لا يريدون الحرب، لأنهم يكرهون أن يحرزوا فوزاً تشاطرهم روسيا فيه؛ ولميلهم إلى السلام قد ظهروا أمام العالم الجزع بمظهر المخلصين المنقذين. وإلا فقد كان من المنتظر أن تحل الكارثة بإيطاليا وألمانيا في أربع وعشرين ساعة، ولكن الإنجليز هم الذين أبوا ذلك. لم يسمح لهتلر أن يحطم الفاشية. ومع ذلك فهو يزعم أنه نال كل شيء بغير عنف، وهو مهدد بالدمار لو استعمل شيئاً من ذلك
أيها المنتصرون المباهون، أنتم لا شيء. إننا لا نعد أنفسنا قد انهزمنا وخرجنا من الميدان. . . إن العقل والروح قد اعتادا الاضطهاد في هذه الأرض منذ آلاف السنين، ولكنها لم يهزما ويقتلا بمثل هذا الانتصار
لا تخف! إن الحق والفكر قد يخمدان لحظة قصيرة، ولكنها قويان في أعماق نفوسنا
ومن قمم الفن الصادق تطارد الروح هذا الانتصار الكاذب. ولا يغرنك أنها في عزلة وانفراد، فهي في تحالف وألفة دائمين مع كل ما يفيد العالم الإنساني
إن الدكتاتورية تناقض نفسها بادعائها محو السيئة وتحرير الضمير الإنساني وتلقين