جميع هذه الثورات تهدف إلى غرض واحد هو تحرير الشرق من سيطرة الغرب وسيادته.
فمصر قد قامت تناضل وتكافح من أجل حريتها واستقلالها ووحدة واديها، وقد أقسم أبناؤها ألا يهدأ لهم بال، أو يغمض لهم جفن، إلا إذا حققوا لوطنهم أهدافه المشروعة ولن يعبئوا بما يبذلون من تضحيات ودماء.
ولكن إنجلترا ترفض أن تسلم بحق مصر المشروع ويمعن جنودها في تحديهم لمصر وأبنائها، بل أكثر من هذا لقد خرج الإنجليز على كل المبادئ الإنسانية والقوانين الأخلاقية فارتكبوا من الجرائم الوحشية ما يخجل من ارتكابه أحط الشعوب وأقلها حظا من المدنية. لقد اعتدوا على الشيوخ الضعفاء في صلواتهم وهاجموا الأطفال والنساء وانتهكوا حرمات المنازل فطردوا أهلها منهم، وشردوا عائلاتهم في الطرقات والشوارع تحت وابل من رصاص مدافعهم ودباباتهم وطائراتهم، وارتكبوا ما لا يحصى ولا يعد من حوادث السلب والنهب. ثم عمدوا أخيرا إلى نسيان جميع القوانين الدولية، فعذبوا الأسرى وأطلقوا عليهم الوحوش الضارية فنهشت لحومهم وهم أحياء ثم أعدموهم رميا برصاص دمدم. حتى بيوت الله من مساجد وكنائس بل والمقابر لم تسلم من عدوانهم وإجرامهم. ويدعي الإنجليز بعد ذلك أنهم متحضرون على أكبر جانب من الحضارة والمدنية!
ولسنا نعرف بعد أي قانون أباح لإنجلترا وأبنائها أن ينزلوا في بلاد غير بلادهم على غير إرادة أهله وأن يقيموا كرها بغير رضى أصحاب البلاد ثم يقترفوا في هذه البلاد أشنع الإثم وأفظع الجرم إذا ما طولبوا بمغادرتها! أهو قانون عصبة الأمم البائدة، أم قانون هيئة الأمم المحتضرة؟
فليمعن الإنجليز في ضلالهم فإن هذا يقرب نهايتهم ويدني أجلهم.