للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٨ - في الحديث المحمدي]

للأستاذ محمود أبو رية

وضع الحديث وأسبابه:

كان من آثار تأخير تدوين الحديث إلى ما بعد المائة الأولى من الهجرة وصدر من المائة الثانية، أن اتسمت أبواب الرواية وفاضت أنهار الوضع بغير ما ضابط ولا قيد، حتى لقد بلغ ما روى من الأحاديث الموضوعة مئات الألوف لا يزال شيء كثير منها منبثاً في الكتب المنتشرة بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

والحديث الموضوع هو المختلق المصنوع المنسوب إلى رسول الله (ص) زوراً وبهتاناً سواءً أكان ذلك عمداًأخطأ ووضع الحديث على رسول الله كان - كما قال أحد الأئمة: - أشد خطراً على الدين وأنكى ضرراً بالمسلمين من تعصب أهل المشرقين والمغربيين، وأن تفرق المسلمين إلى شيعة ورافضة وخوارج ونصيرية الخ لهو أثر من آثار الوضع في الدين.

قال المرتضى اليماني في كتابه إيثار الحقإن معظم ابتداع المبدعين من أهل الإسلام إنما يرجع إلى هذين الأمرين الواضح بطلانهما وهما الزيادة في الدين، والنقص منه، ومن أنواع الزيادة في الدين الكذب عليه.

وقال النووي في شرح مسلم نقلاً عن القاضي عياض: الكاذبون حزبان: أحدهما - حزب عرفوا بالكذب في حديث رسول الله وهم أنواع؛ منهم من يضع ما لم يقله (ص) أصلاً كالزنادقة وأشباههم. . . إما حسبة بزعمهم وتدينا كجهلة المتعبدين الذين وضعوا الأحاديث في الفضائل والرغائب وإما أغراباً وسمعة كفسقة المحدثين، وإما تعصباً واحتجاجاً كدعاة المبتدعة وتعصبي المذاهب، وإما إشباعاً لهوى أهل الدنيا فيما أرادوه، وطلب الفوز لهم فيما أتوه. ومنهم من لا يضع متن الحديث ولكن ربما وضع للمتن الضعيف إسناداً صحيحاً مشهوراً. ومنهم من يقلب الأسانيد أو يزيد فيها ويعتمد ذلك إما للأغراب على غيره، وإما لدفع الجهالة عن نفسه. ومنهم من يكذب فيدعي سماع ما لم يلق. ومنهم من يعمد إلى كلام الصحابة وغيرهم وحكم العرب والحكماء فينسبها إلى النبي (ص).

وقال العلامة السيد رشيد رضا في تفسير المنار

<<  <  ج:
ص:  >  >>