(وسيكون للجامعة الأزهرية نصيب كبير من اهتمام حكومتي، فتعنى بإصلاح نظم التعليم فيها إصلاحاً يساير روح العصر، ويحفظ لهذا المعهد الكبير صبغته الدينية، ويهيئ له من الوسائل ما يمكنه من أداء رسالته العلمية الدينية، على الوجه الذي تنشده مصر، ويحقق آمال الإسلام والمسلمين. وستوجه الحكومة إلى الوعظ الديني عناية تناسب ما له من أثر في تهذيب الخلق المصري، وما يبذله من جهود للإصلاح بين الناس)
(من خطبة العرش)
هذا ما جاء في خطاب العرش، لسنة ١٩٤٢ خاصاً بالجامع الأزهر.
وهو على ما يرى القارئ قبس من نور الحكمة، وسراج وهاج من روح الإخلاص الحكومي لهذا المعهد العتيد. ذلك المعهد الذي يجله ملوك مصر وحكامها، منذ نشأته الأولى، إلى أن بلغ من العمر ألفاً من السنين، والذي له المنزلة العليا في نفوس المسلمين بكافة بقاع الأرض، لأنهم يتمثلون فيه المحامي الأكبر عن دين الله، (الذي لا تصلح دنيا الناس إلا به)، والحصن الحصين الذي حفظ تراث العرب، من اللغة والآداب والعلوم، ووقاها عاديات الضياع والإهمال؛ ولأنهم يرون - ونرى معهم - أن النهضة الفكرية في مصر، والنهضة الخطابية والكتابية، والنهضة الأدبية والشعرية، وأستطيع أن أقول: والنهضة الوطنية. كل أولئك النهضات المباركات، كان الفضل في تدعيمها وتغذيتها للجامع الأزهر. فهل هو كما قال قائلهم الأديب، الابن البار بالأزهر، الأستاذ حسن عبد العال، صاحب جريدة الإصلاح الحلبية:(الأزهر حصن الدين وينبوع الأدب)
ولما كان في التصريح الخطير المقتبس من خطبة العرش، ما يمس نظام التعليم، وفيه ذكر الوسائل التي تمكن الأزهر من تأدية رسالته على الوجه الأكمل، أحببت أن أبين على صفحات (الرسالة) ما عنّ لي من وجوه الإصلاح، وما أراه أنفع الوسائل لأداء الرسالة العلمية الدينية، على الوجه الذي (يحقق آمال الإسلام والمسلمين). فأقول محاولاً الإيجاز ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله.