للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إلا أن تبقي على نفسها وإن هلك نساء العالم. ثم جعلتها تخدع الملك وتصر على الانتقام منه فتخونه كأسفل ما خانته زوجته الملكة الأولى، وتؤوي إلى فراشه العبيد الأقوياء السود فلا تشبع منهم، وتحرص على أن يكونوا سوداً غلاظاً (فالزهرة البيضاء الرقيقة تنبت من الطين الأسود الغليظ)، وتحرص أن يكون عبدها (وضيع الأصل قبيح الصورة، لأن هذه هي صفاته الخالدة التي تحبها). . . فإذا أنبأها العبد أن (تلك هي صفات الشهوة!) قالت له: (أقترب) فإذا قال العبد: (يخيل إليَّ أنك امرأة لا ككل النساء. أنت لا يمكن أن تعشقي أحداً) قالت له (لا شأن لك بقلبي!) فإذا قال: (أنت إنما تلعبين بي. إني أخافك) قالت: (أنت واهم) فيقول، ويا مصيبة ما يقول: (وزوجك!) فتقول: (ما شأنك به؟) فهل رأيت إلى يا عزيزي العبقري الأول كيف أشعت الفجور في نفس شهرزادك؛ وإن غضبت. فشهرزادي! وماذا يغضبك وللأديب أن يضع أشخاصه في الصورة التي يحب كما جاء في حكم الزمان في آخر قصة القصر المسحور؟ لقد أشعت الفجور في نفس شهرزاد وفي نفس العبد وفي نفس قمر وفي نفس الجلاد وفي نفس أبي ميسور، وفي نفس الملك. إي والله في نفس شهريار الذي ما فتئ يقتل النساء. لقد جردته حتى من نخوة الرجولة وفحولتها وجعلتها ضعفاً وخناً وفسولة. لأنه يرى العبد يخرج من مخبئه في مخدعها، فلا يبرم ولا يثور ولا يأمر جلاده بشيء. . . ولا بالبصق في وجهه. ولماذا يفعل وقد اشتد إيمانه بأن هذه هي طبيعة المرأة التي لا سبيل إلى تقويم معوجها؟

أرأيت إليّ يا عزيزي العبقري الأول؟! هذا مذهبي في المرأة. . . روّأت له هذا الترويء، وموّهت به على قرائي ذاك التمويه، وأذعته عليهم في كتاب وجد من حرية الرأي ورحابة الصدر، وحسن الالتفات، في مصر والشرق، ما وجد، فشاع وذاع وملأ النفوس والأسماع. . . وغلب القنّت - الذي ورد ذكره في كتابي - على صفاته الغوالي، ومزاياه الكبار.

قالت فاتنة: (وحسبك هذا القدر اليوم يا صاحبي، وقبل أن آذن لك فتضع هنا اسمك، نبه الناس إلى أن صاحب أحلام شهرزاد لم يسرق من هذا الفجور شيئاً، بل هو قد عالجه العلاج الذي كان ينبغي له منذ أعوام. وإلى اللقاء في الأسبوع المقبل)

دريني خشبة

<<  <  ج:
ص:  >  >>