للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حول بيتين للخطيل بن أوس]

للأستاذ السيد مصطفى غازي

عرض الأستاذ (أبو حيان) في العدد ٨٣٤ في مجلة الرسالة الغراء مثلاً من فهم الشعر القديم في كتاب (الهجاء والهجاءون) للدكتور (م. محمد حسين). وكان مدار الحديث حول بيتين للخطيل بن أوس هما:

فدى لبني ذُبيان رحلي وناقتي ... عشية يحدى بالرماح أبو بكر

ولكن يد هدى بالرجال فهبنه ... إلى قدر ما إن تقيم ولا تسري

قالهما الخطيل في حركة الردة، وأوردهما الدكتور في مستهل حديثه عن نشأة الأحزاب السياسية في المجلد الثاني من كتابه.

وقد أحس الأستاذ أبو حيان (بالحسرة تلذع قلبه) وهو يقرأ هذين البيتين مضبوطين بهذا الضبط، مرويين على هذا النحو، وهالهه أن يتجاوز الدكتور البيت الأول فلا يعلق عليه بشرح أو تفسير أو تحرير. وإلا فكيف مر بكلمة (يحدي) دون أن يحس في البيت إشكالاً؟ كيف يحدى أبو بكر بالرماح والحادي من يحدو الإبل بغنائه فتنساق خلفه وتطرد وراء حداثه؟ كيف يمكن أن تكون الصورة حين تأتي الرماح في مواضع الحداء؟. . . إن الأمر - في رأي الأستاذ أبو حيان - أيسر من هذا العناء. فالدال (يحدي) إنما هي ذال معجمة ذهب إعجامها. والعبارة في البيت الأول إنما هي (عشية يحذى بالرماح أبو بكر) بمعنى يطعن ويمزق جسده كما هو الأصل في معنى هذا وأخواتها، كحذ وحذق وحذف وحزم.

ثم أنتقل الأستاذ أبو حيان إلى البيت الثاني (فأفزعه أشد الفزع) أن يعلق المؤلف عليه، شارحاً له، بقوله: (دهديت الحجر فتهدى دحرجت. هبنه كذلك هي بالنص. لعلها من أهاب الإبل والخيل إذا زجرها قائلاً: هاب، هاب فيكون المقصود أن هؤلاء الرجال يزجرون أبا بكر وجيوشه ويدفعونهم إلى قدرهم وحينهم) وهاله أن يروي الدكتور (يدهدى) بصيغته المبني للمفعول، وأن يجمد عند (فهبنه) فيتعسف في تأويلها هذا التعسف وإلا فكيف يمكن أن تكون (هبنه) معدولة عما ينبغي أن تكون عليه باعتبارها من (أهاب)؟ ومن هم هؤلاء الرجال الذين يزجرون أبا بكر وجيوشه؟ أهم رجال أبي بكر يريدهم أن يزجروا انفسهم؟ أم هم بنو ذبيان يجعلهم يتدحرجون كما تتدحرج الحجارة؟. . . إن الأمر في هذا البيت شبيه

<<  <  ج:
ص:  >  >>