عندما قرأت نقد الأستاذ محمد التونسي لما نشرته من ترجمة قصيدة معركة الآزور لآلفريد تنيسون، أحسست برغبة يسيرة في ولوج باب مثل هذا النقاش اللغوي الذي ما أراه ينتهي. . . والذي أخشى أن أقول إنه أقرب إلى اللجاج والمماحكة منه إلى البحث اللغوي الصحيح.
على أني أكتفي هنا بمناقشة الفقرة الأولى من كلامه فقط؛ ليصحَّ عنده أن هذا النقد الذي أورده أوهن من أن يثبت لدى النقاش عند التمحيص، فأقول: قلتُ في ترجمة المطلع: ;
كان السير رتشارد جرانفيل مرفئاً بسفينته إلى جدةٍ من جدد شاطئ الفلورز. . . وقال الأستاذ: بينما كان السير رتشارد جرانفيل عند فلورز.
فكأنه يستكثر عليَّ قولي: مرفئاً بسفينة إلى جدة. . . وأنا أسأله بدوري: أين ترجمة الفعل فيما كتب؟
إن الذي يستكثره عليَّ هو ترجمة هذا الذي نسيه، مع شيء من التوضيح لمعناه.
وقلتُ: عندما أقبل زورق ذو مجاديف يهوى من بعيد كأنه الطائر يزف بجناحيه. . . فقال الأستاذ: إذ أقبل من بعيد زورق حربي يخفق خفقان الطائر. والخلاف في صفة الزورق هل هو حربي أو ذو مجاديف؟ وإذا رجعنا إلى معنى كلمة في المعاجم الإنجليزية وجدناه هكذا، وبنفس الترتيب: مركب صغير له مجاديف وأشرعة - زورق ذو ثمانية مجاديف (غالباً) - زورق حربي.
لكن لا يظن الأستاذ أنه ساواني هنا في فهم المعنى؛ فإن في اختياري المعنى الذي فيه ذكر المجاديف دون غيره، التفات إلى قصد الشاعر من تشبيه الزورق بالطائر! إذ أي شبهٍ يرمي إليه إن لم يكن يقصد هذه الحركة التي تحدثها المجاديف، مما يشبه حركة أجنحة الطائر عند طيرانه؟
وقلت: وارتفع صوت من داخله يقول: السفن الحربية. . . الخ فحذف الأستاذ الجملة الفعلية برمتها (وارتفع صوت. . . الخ) وهي كلام ليس له ذكر في أصل القصيدة؛ ولكني